وقال صاحب الكشاف أراد أنه ليس من باب عطف جملة على جملة لتطلب مناسب الثانية مع السابقة بل من باب ضم الجملة مسوقة إلى أخرى.
وقال صاحب الكشاف أيضا عند تفسير قوله تعالى « وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » (١) فإن قلت علام عطف هذا الأمر ولم يسبق أمر ولا نهي ليصح عطفه عليه قلت ليس الذي يعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له شاكل من أمر أو نهي يعطف عليه إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين فهي معطوفة على جملة وصف عقاب الكافرين كما يقال زيد يعاقب بالقيد والإزهاق وبشر عمرا بالعفو والإطلاق انتهى.
وقال السيد في شرح المفتاح بعد ما قررناه لا يشترط في عطف القصة على القصة تناسب الجملتين في الخبرية والإنشائية فليكن ذلك على ذكر منك فإنه ينجيك من تكلفات باردة في مواضع شتى.
وقد يقال في إبطال كون الواو هنا للحال أن التأكيد بإن والأمر غير مناسب للجملة لأن الحال بمعنى الظرف كما نص عليه النحاة فالمعنى والله أعلم ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه إذا كان فسقا فليس المقام حينئذ مقام التأكيد إذ ليس الغرض النهي عنه في وقت كون الحكم بكونه فسقا مؤكدا كما هو مقتضى رجوع النفي إلى القيد في نحو ما جاء زيد ماشيا ولا تضرب زيدا راكبا ولهذا لم يجعلوا جملة « وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ » بعد قوله جل شأنه « فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ » (٢) حالية وإنما حكموا بأنها معترضة بين القسم وجوابه لئلا يلزم ما قلنا هاهنا وعندي.
في هذا الكلام نظر إذ لا مانع من تقييد النهي عن كل ما لم يذكر اسم الله عليه بترتيب الحكم المؤكد بكون أكله فسقا والجملة الحالية تؤكد كما
__________________
(١) البقرة ٢٥.
(٢) الواقعة : ٧٦ و ٧٥.