ذكره نجم الأئمة الشيخ الرضي ومثل بقولنا لقيته وإن عليه جبة وعد من ذلك قوله تعالى في بحث الحروف المشبهة بالفعل « وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ » (١).
هذا وظني أن وجه التأكيد في هاتين الجملتين أن كلا منهما كلام برأسه ملقى إلى المؤمنين فهو رائج عندهم متقبل لديهم كما ذكره صاحب الكشاف عند قوله تعالى « وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا » (٢).
وأما ما قيل من أن وجه التأكيد في الآية التي نحن فيها هو أن الكفار منكرون كون أكل ما لم يذكر اسم الله عليه فسقا فليس بشيء لأن المخاطب بالآية الكريمة المؤمنون وهم لا ينكرون كون أكل الميتة فسقا والمنكر لذلك هم غير المخاطبين بها فحينئذ تأكيد الكلام الملقى إلى غير المنكرين لكون غير المخاطبين منكرين اختراع لا يعرفه أحد من علماء المعاني.
والجواب عما روي من أكله صلىاللهعليهوآله من اللحم الذي أهدته اليهودية بأن الرواية لم تثبت صحتها عندنا واحتمال علمه صلىاللهعليهوآله بشراء تلك اليهودية ذلك اللحم من جزار مسلم إما بإخبار أحد من الصحابة أو بإلهام ونحوه قائم والتقريب لا يتم بدون بيان انتفائه.
وأما ما اختاره ابن بابويه من إباحة ذبيحة اليهود والنصارى والمجوس إذا سمعنا منهم التسمية عند الذبح فقد استدل عنه ببعض الروايات وبقوله سبحانه « فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ » (٣) وهذا قد ذكر اسم الله عليه وليس في الآية الكريمة تقييد الذاكر بكونه مسلما فتدخل الأصناف الثلاثة وأما غيرهم من الكفار فهم خارجون بإجماع المسلمين على تحريم ذبائحهم ولو لا أن قوله هذا مخالف للروايات المتضافرة وعمل جماهير علمائنا لكان العمل به غير بعيد عن الصواب إن ألحقنا المجوس بأهل الكتاب انتهى كلامه رفع الله مقامه.
__________________
(١) الفرقان : ٢٠.
(٢) البقرة : ١٤.
(٣) الأنعام : ١١٨.