باشتراط ذهاب الثلثين في الحل لكن ليس فيها خبر صحيح على مصطلح القوم ولا في شيء منها دلالة ظاهرة إذ قوله عليهالسلام في رواية عمار حتى يصير حلالا يحتمل أن يكون المراد به حتى يبقى على الحلية ولا يصير نبيذا مسكرا حراما كما قال في خبره الآخر حتى يشرب حلالا وكما قال في رواية الهاشمي هو شراب طيب لا يتغير إذا بقي وإن احتمل أن يكون هذا علة لوجوب ذهاب الثلثين وقد يقال معناه بقرينة روايته الأخرى وغيرها في هذا الباب حتى يصير نبيذا حلالا أي يكون مثل النبيذ المسكر في النفع دون الحرمة.
أقول وكأنه لاحتمال هذه الوجوه في تلك الأخبار احتمالا ظاهرا لم يتمسك بها القائل باستواء ماء الزبيب وعصير العنب في وجوب ذهاب ثلثيهما لحصول الحلية كما تمسك بمفهوم رواية علي بن جعفر ورواية إسحاق (١) يشعر بأنه ما دام حلوا لم يتغير فهو حلال لا سيما على ما في طب الأئمة قال المحقق الأردبيلي رحمهالله بعد إيرادها بل يمكن فهم الحل مطلقا من قوله عليهالسلام أليس حلوا فافهم انتهى وأما رواية النرسي فهي وإن دلت على تحريم ماء الزبيب بعد الغليان أو النشيش لكن إثبات مثل هذا الحكم بمثل هذه الرواية مشكل ولا ريب أن الأحوط الاجتناب عن عصير الزبيب بعد الغليان ولا يبعد الاكتفاء بخضب الإناء وعلوقه به كما ورد في بعض الأخبار أو بتسميته دبسا وأما ذهاب الثلثين فلا يتحقق فيما يعمل في هذا الزمان غالبا إلا بعد انعقاده وخروجه عن الدبسية وأحوط منه اجتنابه قبل ذهاب الثلثين مطلقا.
الخامس الحق جماعة من الأصحاب بالعصير ماء العنب إذا غلا في حبه وهو غير موجه لعدم صدق العصير عليه فالأدلة العامة تقتضي حله قال المحقق الأردبيلي رحمهالله الظاهر اشتراط كونه معصورا فلو غلا ماء العنب في حبه لم يصدق عليه أنه عصير غلا ففي تحريمه تأمل ولكن صرحوا به فتأمل والأصل والعمومات وحصر المحرمات دليل التحليل حتى يعلم الناقل انتهى.
__________________
(١) راجع الحديث بالرقم ١٥ آخر الباب.