وأقول بعض من قارب عصرنا ألحق به الزبيب المطبوخ في الطعام فحكم بحرمته لأنه يغلي ماؤه في جوفه وتابعه بعض من لم يشم رائحة العلم والفقه من المعاصرين وهو وهن على وهن وربما يستدل له بخبر النرسي وقد عرفت حاله مع أنه لا يدل على مدعاهم إذ الظاهر أنه إنما يحرم إذا أدى الحلاوة إلى الماء حتى صار بمنزلة العصير ومعلوم أن ما يوضع من الزبيب تحت الأرز في القدور ليس بهذه المثابة ولا يحلى الماء بسببه كحلاوة العصير وكذا ما يلقى في الشورباجات قلما يصير بهذه المنزلة نعم ما يدق ويدخل فيها قد يكون قريبا من ذلك وكأنه الزبيبة وقد مرت الرواية بحلها وبالجملة الحكم بالحرمة في جميع ذلك مشكل وإن كان الاحتياط في بعضها أولى.
السادس قال في المسالك لا فرق مع عدم ذهاب ثلثيه في تحريمه بين أن يصير دبسا وعدمه لإطلاق النصوص باشتراط ذهاب الثلثين مع أن هذا فرض بعيد لأنه لا يصير دبسا حتى يذهب أربعة أخماسه غالبا بالوجدان فضلا عن الثلثين ويحتمل الاكتفاء بصيرورته دبسا قبل ذلك على تقدير إمكانه لانتقاله عن اسم العصير كما يطهر بصيرورته خلا لذلك ولا فرق في ذهاب ثلثيه بين وقوعه بالغليان والشمس والهواء فلو وضع المعمول به قبل ذهاب ثلثيه كالملبن في الشمس فتجفف بها وبالهواء وذهب ثلثاه حل وكذا يطهر بذلك لو قيل بنجاسته ولا يقدح فيه نجاسة الأجسام الموضوعة فيه قبل ذهاب الثلثين كما يطهر ما فيه من الأجسام بعد انقلابه من الخمرية إلى الخلية عندنا انتهى.
أقول ويؤيد الاكتفاء بالدبسية ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد قال قال أبو عبد الله عليهالسلام إذا كان يخضب الإناء فاشربه (١). وإن احتمل أن يكون من علامات ذهاب الثلثين كما فهمه الشيخ رحمهالله حيث جعل في النهاية لذهاب الثلثين الذي هو مناط الحلية ثلاث علامات صيرورته حلوا وخضبه الإناء وعلوقه به وذهاب ثلاثة دوانيق ونصف منه عند كونه على النار وروى الكليني رحمهالله (٢) بسند
__________________
(١) التهذيب ٩ : ١٢٢ ، الكافي ٦ : ٤٢١.
(٢) التهذيب ٩ : ١٢٢ ، الكافي ٦ : ٤٢١.