يمكن أن يكون أمر لا مصلحة في اعطائه الاّ بالدعاء أي انّ المصلحة مشروطة بالدعاء ، فالامور اذاً على ثلاثة أقسام ، فبعضها تصلح للعطاء من دون دعاء ، وبعضها الآخر لا تصلح للعطاء حتى بالدعاء ، فهذه لا تعطى مطلقاً.
والقسم الثالث تصلح للعطاء بالدعاء ولولاه لا مصلحة في اعطائها ، فبما انّ الانسان لا يميّز بعقله بين هذه الأمور فلابد أن يدعو ولا ييأس إن لم يجاب إليه ، وليعلم انّ هذا لا مصلحة فيه لذا لم يجبه الله ، كما قال أبو عبدالله عليهالسلام : ادع ولا تقل قد فرغ من الأمر ، فإنّ الدعاء هو العبادة ... (١).
وسنذكر تفصيل الكلام بعد هذا.
الوجه
الثاني : ان لكلّ شيء شروطاً وموانع فاذا لم
تتوفر الشروط ولم ترفع
الموانع لا تترتب ثمرة على ذلك الفعل ، كما انّ الله تعالى أمر بالصلاة للمغفرة ، وللصلاة
شرائط لا تقبل بدونها ، فاذا صلّى شخص من دون وضوء لم يصلّ في الحقيقة ولم يستحق
المغفرة ، وكذلك لها موانع تمنع التأثير ، كما قالوا انّ الصلاة توجب القرب ، فلو
صلّى أحد وفعل جميع القبائح فتأثير هذه القبائح الموجبة للبعد والحرمان تمنع تأثير
الصلاة في القرب....
فللدعاء أيضاً شرائط كما ذكرناها سابقاً كالتضرع والاهتمام والمعرفة ، ورفع الموانع التي مضى ذكرها ، فلو أخلّ بكل منها ولم يستجب دعاؤه لا يكون منافياً لوعد الله تعالى ، ونكتفي بهذا المقدار لذكر الأحاديث المتضمّنة لهذا المعنى سابقاً في باب الشرائط.
الوجه الثالث : انّ الله تعالى قد يستجيب الدعاء لكن يرى المصلحة في
____________
١ ـ الكافي ٢ : ٤٦٧ ح ٥ باب فضل الدعاء والحث عليه.