فقال له إبراهيم عليهالسلام : أولاً أخبرك لأيّ شيء احتبست دعوتك؟ قال : بلى ، قال له : أنّ الله عزّوجلّ إذا أحبّ عبداً احتبس دعوته ليناجيه ويسأله ويطلب إليه ، وإذا أبغض عبداً عجّل له دعوته أو ألقى اليأس في قلبه منها.
ثم قال له : وما كانت دعوتك؟ قال : مرّ بي غنم ومعه غلام له ذؤابة ، فقلت : يا غلام لمن هذا الغنم؟ فقال : لابراهيم خليل الرحمن ، فقلت : اللهم ان كان لك في الأرض خليل فأرينه ، فقال له إبراهيم : فقد استجاب الله لك أنا إبراهيم خليل الرحمن ، فعانقه ، فلمّا بعث الله محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءت المصافحة (١).
الوجه الرابع : انّ الله تعالى يكرم من طلب حاجة ولم تكن في صلاحه بأضعاف مضاعفة خيراً من تلك الحاجة في الدنيا والآخرة ، فانّه تعالى لم يرد دعاءهم بل قضى حاجتهم بوجه أكمل ، كما لو طلب شخص درهماً من سلطان وأعطاه السلطان درّة تسوى مائة ألف دينار ، فلا يقول عاقل انّ الملك ردّ حاجة السائل ، بل يمدحه باعطائه أضعاف ما طلبه السائل.
فكذلك عند ملك الملوك فإنّ هؤلاء السائلين الجهلة ، يطلبون من الله المطالب الخسيسة ولكن ذلك الكريم على الاطلاق يهب لهم في قبالها نعم لا تنتهي ، ورحمة لا تحد ولا تحصى ، وهم لا يعرفون قدرها ويشكون لعدم حصول تلك المطالب الخسيسة الدنيّة ، لكن ما أعد لهم في الآخرة من الدرجات الرفيعة والمراتب العالية في الجنّة أكثر بكثير مما طلبوه ....
روي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليهالسلام انّه قال : انّ المؤمن ليدعو الله عزّوجلّ في حاجته ، فيقول الله عزّوجلّ : أخّروا اجابته ، شوقاً إلى صوته ودعائه ، فاذا
__________________
١ ـ البحار ١٢ : ٧٦ ح ١ باب ٤ ـ عن أمالي الصدوق : ٢٤٤ ح ١١ مجلس ٤٩.