كان يوم القيامة قال الله عزّوجلّ : عبدي دعوتني فأخّرت اجابتك وثوابك كذا وكذا ، ودعوتني في كذا وكذا فأخّرت اجابتك وثوابك كذا وكذا.
قال : فيتمنّى المؤمن انّه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب (١).
وما يعطيهم الله في الدنيا من مراتب القرب والكمال غير متناهٍ ، وهذه المراتب ملازمة للدعاء.
واعلم يا عزيزي أن الله سبحانه وتعالى يتعامل مع العبيد الجهّال بنوع من اللطف والشفقة يلائم جهلهم ، ويوردهم ساحة كبريائه بالحكمة وبأنواع الفنون وبما يلائم هوى طبعهم الجموح ، كما لو أراد سلطان صيد صقر فإن قال له في البداية : تعال إليّ كي أضعك على يدي واعزّك ، فلا فائدة فيه ، بل لابدّ أن يخدعه بالطعام والأكل كي يألفه ثم يضعه على يده ، وليعود إليه إذا بعثه نحو صيد معين.
وأيضا انّ الأب الشفيق إذ أراد إرسال إبنه إلى المعلم لتعلّم العلوم والحقائق ، فلو أقام له مئات الآلاف من البراهين والأدلة لا يفيد ، بل لابد أن يشوّقه إلى المدرسة أولاً بالطعام والثياب الملونة وما شاكل ، فإذا ذاق لذة الحقائق والحكم سوف لا يردعه عنها أيّ أمر عظيم.
وكذلك هذه الحيوانات العديمة الشعور ، والمغرورين المضاهين للأطفال في الطبع والسيرة ، فبما انّهم لا يعرفون فضلاً وكمالاً ولذة سوى الأكل والشرب واللبس والدينار والدرهم والخيل والحشم وسائر اللذات الجسمية ، فإنّ الحيكم والكريم على الاطلاق مع غاية عظمته واستغنائه وجلاله قد دعاهم إلى ساحته ،
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ٤٩٠ ح ٩ باب من أبطأت عليه الاجابة ـ الوسائل ٤ : ١١١٢ ح ٥ باب ٢١.