بأن اطلبوا منّي كلّ ما تريدون حتى ملح طعامكم.
وذلك حتى يأتوا إليه من هذا الطريق ، ويفوزوا بالقرب والمعرفة بالدعاء والتوسل والمناجات ، وليجدوا حلاوة حبّه ، ويلجؤوا إليه في جميع الأمور ، ويصرفوا وجوههم عن الخلق.
ما أكثر هذا الكرم غير المتناهي حيث يوصل الانسان إلى القرب بالماء والملح والطعام وأهواء النفس ، وذاك الجاهل الغبيّ يشكل وينزعج بعدم قضاء حاجته « انّ الانسان لكفور ».
ألا تعلم انّ أصل الدعاء عبادة ، وأنت تعبد الله في ضمنه وتناجي ملك الملوك ، وحصلت على الأجر الأخروي ، ووطأت بساط قرب ربّ الأرباب ، وجعلته أنيساً لك وصاحب سرّك ، وسمعت من يقول « لبيك » من عرش الرفعة بسمع اليقين والايمان ، ولو فهمت معنى المناجات ولذّتها ، وسمعت بقلبك السرّ الخفي ، وأدركت لطف ومحبّة ذلك المحبوب الحقيقي حين التضرّع والدعاء لهانت عليك حوائجك بل نفسك ولنسيتها.
لو أجيز لك الدخول على ملوك الدينا العاجزين ، ورأيت التفاتة مختصرة منهم لنيسيت حوائجك كلّها ، هيات هيهات ، ألا يكفي لهذا الجسم الترابي حيث أجيز بالمكالمة وعرض الحوائج مع ربّ الأرباب مشافهة ، وأودعت مفاتيح خزائن الرحمة في لسانه ، وتكفّلوا أموره ومصالحه ، ويقول له ربّ العزة : أُدع أنت ودع خيرك إليّ ، لكنّه يعصي ويتجاسر عليه بعلمه الناقص وجهله الكامل ويتحكّم أيضاً.
ولولا اضطراب عقولهم بالغفلة لكان الواجب على من سمع هذه الأحاديث