وهذا هو معنى ما ورد عن أبي عبدالله (١) عليهالسلام حيث قال في حديث طويل من انّ القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة ويشفع لحملته ، فقال الراوي : قلت : جعلت فداك وهل يتكلّم القرآن؟ فتبسّم ثم قال : رحم الله الضعفاء من شيعتنا انّهم أهل تسليم ، ثم قال : نعم والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى.
قال الراوي : فتغيّر لذلك لوني وقلت : هذا شيء لا أستطيع أنا اتكلّم به في الناس ، فقال : وهل الناس الاّ شيعتنا ، فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقّنا ، ثم قال : اسمعك كلام القرآن قال : فقلت : بلى صلى الله عليك ، فقال : « اِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشَاءِ واَلمُنكَرِ وَلَذِكرُ اللهِ اَكبَر » فالنهي كلام ، والفحشاء والمنكر رجال ، ونحن ذكر الله ونحن أكبر (٢).
وبما انّ لهذا المطلب دخلاً كبيراً في توضيح أخبار أهل البيت عليهمالسلام فإنّ الزيادة في توضيحه أصوب.
اعلم انّ لكل شيء صورة ومعنى وجسداً ، سواء فيه الأخلاق وغيرها ، لكن الحشوية تمسكوا بالظواهر ولم يخرجوا منها ، فحرموا أنفسهم عن كثير من الحقائق ، وتمسك بعض آخر بالبواطن والمعاني تاركين الظواهر فألحدوا لذلك ، وصاحب الدين من أذعن بكليهما.
مثلاً انّ للجنّة صورة وهي الجدران والأشجار والأنهار والحور والقصور ، ولها أيضا معنى وهو الكمالات والمعارف واللذات المعنويّة وهذه في الجنة
__________________
١ ـ وجدناه في الكافي عن سعد الخفاف ، عن أبي جعفر عليهالسلام.
٢ ـ لاحظ الكافي ٢ : ٥٩٨ ضمن حديث ١ ، باب كتاب فضل القرآن.