أما انّي لا أقول انّه كان لا يجد ، لقد كان يجيز (١) الرجل الواحد بالمائة من الإبل ، فلو أراد أن يأكل لأكل ، ولقد أتاه جبرئيل عليهالسلام بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات يخيّره من غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعدّ الله له يوم القيامة شيئاً ، فيختار التواضع لربّه جلّ وعزّ.
وما سئل شيئاً قط فيقول : لا ، إن كان أعطى ، وإن لم يكن قال : يكون ، وما أعطى على الله شيئاً قط الاّ سلّم ذلك إليه حتى إن كان ليعطي الرجل الجنة فيسلم الله ذلك له.
ثم تناولني بيده وقال : ان كان صاحبكم (٢) ليجلس جلسة العبد ، ويأكل أكلة العبد ، ويطعم الناس خبز البرّ واللحم ، ويرجع الى أهله فيأكل الخبز والزيت ، وان كان ليشتري القميص السنبلاني ثم يخير غلامه خيرهما ، ثم يلبس الباقي فاذا جاز أصابعه قطعه ، وإذا جاز كعبه حذفه.
وما ورد عليه أمران قط كلاهما لله رضى الاّ أخذ بأشدّهما على بدنه ، ولقد ولّى الناس خمس سنين فما وضع آجرة على آجرة ، ولا لبنة على لبنة ، ولا أقطع قطيعة ، ولا أورث بيضاء ولا حمراء الاّ سبعمائة درهم فضلت عن عطاياه أراد أن يبتاع لأهله بها خادماً ، وما أطاق أحدٌ عمله ، وان كان عليّ بن الحسين عليهالسلام لينظر في الكتاب من كتب عليّ عليهالسلام فيضرب به الأرض ويقول : من يطيق هذا (٣).
وروي بسند آخر انّ أمير المؤمنين عليهالسلام أتى البزازين فقال لرجل : بعني ثوبين ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين عندي حاجتك ، فلما عرفه مضى عنه ، فوقف
__________________
١ ـ من الجائزة بمعنى العطية.
٢ ـ يعني أمير المؤمنين عليهالسلام.
٣ ـ الكافي ٨ : ١٢٩ ح ١٠٠ ، عنه البحار ١٦ : ٢٧٧ ح ١١٦ باب ٩.