جعل الفقر أمانة عند خلقه ، فمن ستره أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم ، ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله ، أما انّه ما قتله بسيف ولا رمح ولكنّه قتله بما نكى من قلبه (١).
وقال أبو عبدالله عليهالسلام : كلّما ازداد العبد ايماناً ازداد ضيقاً في معيشته ، وقال : لولا الحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها ، وقال : ما اُعطي عبد من الدنيا الاّ اعتباراً ، وما زوي عنه الاّ اختباراً (٢).
وقال عليهالسلام في حديث آخر : ليس لمصاص (٣) شيعتنا في دولة الباطل الاّ القوت ، شرّقوا ان شئتم أو غرّبوا لن ترزقوا الاّ القوت (٤).
وقال في حديث آخر : انّ الله عزّوجلّ يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيهاً بالمعتذر إليهم ( وفي حديث آخر : ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه ) (٥).
فيقول : وعزّتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم عليّ ، ولترونّ ما أصنع بكم اليوم ، فمن زوّد أحداً منكم في دار الدنيا معروفاً فخذوا بيده فادخلوه الجنة.
قال : فيقول رجل منهم : يا رب انّ أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ٢٦٠ ح ٣ ـ عنه البحار ٧٢ : ٨ ح ٦ باب ٩٤.
٢ ـ الكافي ٢ : ٢٦١ ح ٤ و٥ و٦ ـ عنه البحار ٧٢ : ٨ ح ٧ و٨ باب ٩٤.
٣ ـ المصاص : خالص كلّ شيء ، يقال : فلان مصاص قومه ، إذا كان أخلصهم نسباً.
٤ ـ الكافي ٢ : ٢٦١ ح ٧ ـ عنه البحار : ٧٢ : ١٠ ح ١٠ باب ٩٤.
٥ ـ الكافي ٢ : ٢٦٤ ح ١٨ ـ عنه البحار ٧٢ : ٢٥ ح ٢٠ باب ٩٤.