اعلم انّ التقوى رأس مال جميع السعادات ، وهو شرط عظيم لقبول الطاعات كما يدلّ عليه نص القرآن ، والتقوى في الاصطلاح حفظ النفس وصيانتها من كلّ ما يضرّ بالآخرة ، وله مراتب كثيرة :
المرتبة الأولى : التقوى من الشرك والكفر الموجب للخلود في النار ، ولا تصح أيّ عبادة وعمل بدونه.
المرتبة الثانية : التقوى في ترك جميع المحرمات واتيان جميع الواجبات.
المرتبة الثالثة : التقوى في ترك المكروهات واتيان المستحبات ، وهذه المرتبة تكمل بشكل تدريجي بحيث يصبح الالتفات نحو غير المعبود الحقيقي منافياً لهذه الرتبة.
انّ هاتين المرتبتين تتكثّر إلى مراتب كثيرة لها دخل في الكمال وقبول الأعمال ، وكلّما كمل الانسان في هذه المراتب كان عمله أقرب للقبول ، وتترتب على أعماله حينئذٍ فوائد وآثار أكثر ، كالقرب والمحبّة والمعرفة والانصاف والأخلاق الحسنة ، وإلى هذه المرتبة الأخيرة يشير قوله تعالى : ( اِتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) (١).
ان الورع يقرب في المعنى من التقوى ، وقد يطلق على ترك المحرّمات أو ترك المحرمات والشبهات ، وقد يطلق على معاني التقوى أيضاً.
فقد روي انّه سئل أبو عبدالله عليهالسلام عن قوله تعالى : ( اِتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) قال : يُطاع فلا يُعصى ، ويُذكر فلا يُنسى ، ويُشكر فلا يُكفر (٢).
__________________
١ ـ آل عمران : ١٠٢.
٢ ـ معاني الأخبار : ٢٤٠ ح ١ ـ عنه البحار ٧٠ : ٢٩١ ح ٣١ باب ٥٦.