الله نفع شخص لن يتمكن أحد دفع هذا النفع عنه ، ولو منع عنك خيراً فلو اتفق جميع العالم على ايصاله لك لما تمكّنوا ، ومعنى التفويض يقرب عن هذا أيضاً.
فلابد حينئذٍ أن ييأس الانسان عما في أيدي المخلوقين ، ولا يختار رضاهم على رضى الله تعالى ، ولا يعتمد في جميع الأمور على نفسه وعلى غيره ، وليكن جلّ اعتماده على الله سبحانه ، وهذا من أعلى مراتب التوحيد حيث يجعل القدرة والتصرف والتدبير خاصّاً بالله ، وانّ قدرة المخلوقين مقهورة بقدرته.
روي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليهالسلام انّه قال : انّ الشرك أخفى من دبيب النمل ، وقال : منه تحويل الخاتم ليذكر الحاجة وشبه هذا (١).
وكون هذا شركاً لاعتماد الانسان على غير الله تعالى ، وعدم التوكل عليه بل اعتمد على تحويل الخاتم ، فالحاصل انّ كلّ التفات عن الله والتوسل والاعتماد على غيره مرتبة من مراتب الشرك.
روي بسند معتبر انّه سأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن جبرئيل ما التوكل على الله عزّوجلّ؟ فقال : العلم بانّ المخلوق لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يعطي ولا يمنع ، واستعمال اليأس من الخلق ، فاذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله ، ولم يرج ولم يخف سوى الله ، ولم يطمع في أحد سوى الله ، فهذا هو التوكل (٢).
وسئل الرضا عليهالسلام عن معنى التوكل ، فقال : أن لا تخاف مع الله أحداً...(٣).
ومعنى الرضا بالقضاء انّه بعد التوكل على الله ، والعلم بأنّ أعماله مطابقة لما أمر الله فكلما حدث من الابتلاءات والمحن لابد أن يكون على يقين من وجود
__________________
١ ـ معاني الأخبار : ٣٧٩ ح ١ باب نوادر المعاني ـ عنه البحار ٧١ : ١٤٢ ح ٣٦ باب ٦٣.
٢ ـ معاني الأخبار : ٢٦١ ضمن حديث ١ ـ عنه البحار ٧١ : ١٣٨ ح ٢٣ باب ٦٣.
٣ ـ البحار ٧١ : ١٣٤ ح ١١ باب ٦٣ ـ عن عيون أخبار الرضا عليهالسلام.