يذهب الشك والشبهة عنك ، وتقبل كلّ ما يجيء من قبل الله من الحجج والآيات والأخبار وتؤمن بها ، وتبعّد القيل والقال ـ الذي هو من أهمّ نوافذ الشيطان ـ عن ايمانك ، وهذا ركن أصيل من أركان الايمان ، وضلّ أكثر الناس بسبب تركه ، وقد ذكر سابقاً مجمل منه.
ومن الواضح انّ معنى التوكل ليس هو بالجلوس في الدار واغلاق الباب وترك العمل والكسب بحجة توكلك على الله ، بل التوكل أن تسعى فيما أمره الله ، وتطيع ما قاله ، وتعمل بقدر ما أمرك به ، ولا تطلب الحرام ، ولا تترك الواجبات والمستحبات ، ولا تجمع أكثر من الضرورة حرصاً ، مع الالتفات إلى أن ذلك من الله فلا تعتمد على سعيك وكسبك.
واعلم بأنّ الله يقدر على تأييد عينك وأذنك ولسانك ويدك ورجلك وعقلك وروحك وسائر قواك وأعضائك ، فسعيك هذا بأسباب الله وتوفيقه.
واعلم انّ الله لو لم يهدك إلى ما هو في نفعك لكنت أعجز الناس ، ولتكن على يقين بأنّ المشتري الذي يأتيك انّما قدر مجيئه إليك الرازق الحقيقي قبل خلقك بآلاف السنين ، وجعل مقداراً من رزقك منه ، فلو لم تذهب إلى محلّ كسبك لما وصل هذا الرزق إليك ، وحتى بعد ذهابك إلى محل كسبك فلو لم يرد الله لما أتاك مشتر قط ، ولو لم يقذف الله في قلب ذلك الرجل لما مدّ يده إلى كيسه ، ولما أعطاك ديناراً.
وقد قالوا : افتح باب دكانك واجلس للبيع وتوكل على الله ، ولو تركت الطلب الضروري أثمت ، ولو أوقعت نفسك في التهلكة خالفت قول الله تعالى ، واستحق عليك العقاب ، لأنّ الله أمرك بالتقية وحفظ النفس.