فاحذروا عباد الله عدوّ الله أن يعديكم بدائه ، وأن يستفزّكم (١) بندائه ، وأن يجلب عليكم بخيله ورجله ، [ فلعمري لقد فوّق لكم سهم الوعيد (٢) ، وأغرق (٣) إليكم بالنزع الشديد ، ورماكم من مكان قريب ، فقال : ( رَبِّ بِمَا أَغوَيتَنِي لاَُزَيِّنَنَّ لَهُم في الأَرضِ وَلأغوِيَنَّهُم أََجمَعِينَ ) (٤).
قذفاً بغيب بعيد ، ورجماً بظنّ غير مصيب ، صدّقه به أبناء الحميّة ، واخوان العصبيّة ، وفرسان الكبر والجاهلية ، حتى اذا انقادت له الجامحة منكم ، واستحكمت الطماعيّة منه فيكم ، فنجمت الحال من السرّ الخفي إلى الأمر الجلي ، واستفحل سلطانه عليكم ، ودلف (٥) بجنوده نحوكم.
فأقحموكم (٦) ولجات (٧) الذّل ، وأحلّوكم ورطات القتل ، وأوطؤوكم اثخان الجراحة ، طعناً في عيونكم ، وحزّاً في حلوقكم ، ودقّاً لمناخركم ، وقصداً لمقاتلكم ، وسوقاً بخزائم القهر إلى النار المعدّة لكم.
فأصبح أعظم في دينكم حرجاً ، وأورى (٨) في دنياكم قدحاً ، من الذين أصبحتم لهم مناصبين ، وعليهم متألّبين ، فاجعلوا عليه حدّكم (٩) وله جدّكم.
فلعمر الله لقد فخر على أصلكم ، ووقع في حسبكم ، ودفع في نسبكم ،
__________________
١ ـ يستفزكم : يستنهضكم لما يريد.
٢ ـ فوق السهم : جعل له فوقاً ، والفوق موضع الوتر من السهم.
٣ ـ أغرق النازع : إذا استوفى مدّ قوسه.
٤ ـ الحجر : ٣٩.
٥ ـ دلفت الكتيبة في الحرب : تقدّمت.
٦ ـ أقحموكم : أدخلوكم بغتة.
٧ ـ الولجات : جمع ولجة ـ بالتحريك ـ : كهف يستتر فيه المارة من مطر ونحوه.
٨ ـ أورى : أي أشدّ قرحاً للنار.
٩ ـ حدّكم : غضبكم وحدّتكم.