__________________
قول ، ولا خطلة في فعل.
لقد قرن الله به صلىاللهعليهوآلهوسلم من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمّه ، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه عَلَماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوّة.
ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : يا رسول الله ما هذه الرّنة؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، انّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، الاّ انّك لست بنبيّ ولكنّك لوزير وانّك لعلى خير.
ولقد كنت معه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا آتاه الملأ من قريش ، فقالوا له : يا محمد انّك قد ادعيت عظيماً لم يدّعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمراً ان أنت أجبتنا إليه وأريتناه علمنا انّك نبيّ ورسول ، وان لم تفعل علمنا انّك ساحر كذّاب ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : وما تسألون؟ قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : انّ الله على كلّ شيء قدير ، فإن فعل الله لكم ذلك أتؤمنون وتشهدون بالحقّ؟ قالوا : نعم.
قال : فانّي سأوريكم ما تطلبون ، وانّي لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير ، وان فيكم من يطرح في القَليب ، ومن يحزّب الأحزاب ، ثم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أيتها الشجرة ان كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر ، وتعلمين انّي رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يديّ باذن الله.
فو الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها ، وجاءت ولها دويّ شديد ، وقصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مرفرفة ، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وببعض أغصانها على منكبي ، وكنت عن يمينه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا علّواً واستكباراً : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك ، فأقبل إليه نصفها كأعجب اقبال وأشدّه دويّاً ، فكادت تلتفّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقالوا كفراً وعتوّاً : فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان ، فأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم فرجع ، فقلت أنا : لا اله الاّ الله وانّي أوّل مؤمن بك يا رسول الله ، وأوّل من أقرّ بأنّ الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقاً بنبوتك ، واجلالاً لكلمتك ، فقال القوم كلّهم : بل ساحر كذّاب ، عجيب السحر خفيف فيه ، وهل يصدّقك في أمرك الاّ مثل هذا ( يعنوني ).
وانّي لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم ، سيماهم سيماء الصديقين ، وكلامهم كلام الأبرار ، عمّار الليل