وروى أيضا بسند صحيح انّ أبا عبدالله عليهالسلام قال لعبّاد بن كثير البصري الصوفي : ويحك يا عباد غرّك أن عفّ بطنك وفرجك ، انّ الله عز وجل يقول في كتابه : ( يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَولاً سَدِيداً * يُصلِح لكم أعمَالكُم ) (١) اعلم انّه لا يتقبل الله منك شيئاً حتى تقول قولاً عدلاً (٢).
وروي في كتاب الاحتجاجات عن ثابت البناني انّه قال : كنت حاجّاً وجماعة من عبّاد البصرة مثل أيّوب السجستاني ، وصالح المري ، وعتبة الغلام ، وحبيب الفارسي ، ومالك بن دينار ، فلمّا أن دخلنا مكة رأينا الماء ضيّقاً ، وقد اشتدّ بالناس العطش لقلّة الغيث ، ففزع إلينا أهل مكة والحجاج يسألولننا أن نستسقي لهم ، فأتينا الكعبة وطفنا بها ، ثم سألنا الله خاضعين متضرّعين بها ، فمنعنا الاجابة.
فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل وقد أكربته أحزانه ، وأقلقته أشجانه (٣) ، فطاف بالكعبة أشواطاً ، ثم أقبل علينا فقال : يا مالك بن دينار ، ويا ثابت البناني ، ويا أيوب السجستاني ، ويا صالح المري ، ويا عتبة الغلام ، ويا حبيب الفارسي ، ويا سعد ، ويا عمر ، ويا صالح الأعمى ، ويا رابعة ، ويا سعدانة ، ويا جعفر بن سليمان ، فقلنا : لبيك وسعديك يا فتى.
فقال : أما فيكم أحد يحبّه الرحمن؟ فقلنا : يا فتى علينا الدعاء وعليه الاجابة ، فقال : ابعدوا عن الكعبة فلو كان فيكم أحد يحبّه الرحمن لأجابه ، ثم أتى الكعبة فخرّ ساجداً ، فسمعته يقول في سجوده : سيدي بحبّك لي الاّ سقيتهم الغيث.
قال : فما استتم الكلام حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب ، فقلت : يا فتى من
__________________
١ ـ الاحزاب : ٧٠ و٧١.
٢ ـ الكافي ٨ : ١٠٧ ح ٨١ ـ عنه البحار ٤٧ : ٣٥٩ ح ٦٨ باب ٣٣.
٣ ـ الشجن ـ محركة ـ : الهم والحزن.