السبب الذي دعا بأصحابه إلى القيام بذلك العمل المشين ، الذي حَرّم كثيراً من أتباع ذلك الخطّ من أجر كانوا سيجنونه من الصلاة لو بقي الحديث كما قاله النبي صلىاللهعليهوآله غير محرّف ، لذلك لم أجد جواباً في تلك الفترة من الزمن ، وبقي السؤال عالقاً بدون إجابة ، إلى أن وقع في يدي يوماً كتاب تاريخي ، تناول الأحداث التاريخية للعصر الأموي ، فقرأت عن محدثات معاوية لعنه الله ، وجناياته على أهل البيت عليهمالسلام من سبّ ، وقتل ، وتحريف ، ثمّ مررت على تمرّد عبد الله بن الزبير على عبد الملك بن مروان واستيلاءه على مكّة حوالي السنتين ، واستوقفني تصرّفه الذي أظهر ضغينة وبغضاً وعداء لا يمكن وصفه لأهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقد بقي الرجل أربعين جمعة ، لا يُصلّي في خطبتيها على النبي صلىاللهعليهوآله ، ولما سُئل عن ذلك قال : إنّ له أُهيل سوء ، ينغضون رؤوسهم عند ذكره (١).
ساءني ذلك الأمر أيّما إساءة ، وحزّ في نفسي أنْ يتطاول المتطاولون على الإسلام وأهله ، مفضوحي النوايا ، قد انكشفت عورات سرائرهم ، ومع ذلك ما زال الناس ينظرون إليهم نظر المؤمنين المجاهدين في سبيل الله ، خصوصاً ونحن أمام نصّ صريح من الله تعالى يأمرنا فيه بمودّة أهل البيت عليهمالسلام أجراً على ما بذله النبيّ من أجل تبليغه رسالة الإسلام إلينا ، فقال جلّ من قائل : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ... ) (٢) ثم ثنى حرصا وتشجيعا في نفس الآية بقوله : ( وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ). والمودّة محبّة تتطلب الالتفات إلى كلّ ما يتعلق بأحوال أهل البيت عليهمالسلام من تقديم واحترام وتبجيل وطاعة وموالاة ، وتعهد لأمرهم ، ومحبّة من يُحبّهم ، وبغض من يبغضهم ،
_________________
(١) ورد قول ابن الزبير بألفاظ متفاوتة كلّها تعطي معنى واحد ، فانظر شرح نهج البلاغة ( ٤ : ٦٢ ) و ( ٢٠ : ١٢٧ ) ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦١ ، مقاتل الطالبيين : ٣١٥ ، وغيرها.
(٢) الشورى : ٢٣.