ومحاربة من يحاربهم ، ومسالمة من يسالمهم ، تلك هي المودّة الحقيقية ، أمّا القول الذي لا فعل معه فلا معنى له ولا وزن.
أمّا من جانب النبيّ صلىاللهعليهوآله فقد أكّد على أنّ محبّة عليّ عليهالسلام إيمان ، وبغضه نفاق ، في حديثه الذي تناقله الحفاظ بقوله « يا علي لا يحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق » (١) وكان الصحابة يقولون : « ما كنّا نعرف المنافقين إلّا ببغض عليّ بن أبي طالب » (٢) فكلّ من أعلن بغض علي عليهالسلام كائناً من كان فهو منافق بالنصّ النبوي ، وكلّ من أعلن حبّ عليّ عليهالسلام فهو مؤمن بالنصّ النبوي أيضاً.
إنّ المتتبع لسيره عبد الله بن الزبير ، يمكنه بدون عناء أنْ يستجلي حقيقته من خلال مواقفه التي كان يريد من خلالها أنْ يكون له حظُّ في السلطة ومسك زمام الأمّة ، فهو الذي أخرج أباه الزبير بن العوام ، الذي قال عنه الإمام علي عليهالسلام : ما زال الزبير منّا أهل البيت حتّى نشأ له عبد الله (٣).
ولم يكن عبد الله بن الزبير في هذا الشأن ، غير مقلّد لأثر معاوية ابن أبي سفيان ، الذي لم يمنع الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله فقط ، بل ابتدع لعن الطاهرين من أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومنع أحكاماً ، وحرّف سنناً ، وعطّل حدوداً ، وارتكب جرائم تقشعرّ منها نفوس البشر ، والتي منها التحريض على قتل سبط النبيّ صلىاللهعليهوآله بدسّ السمّ له ، وقتل فضلاء الصحابة كحجر بن عدي ومن معه في مرج عذراء.
ولقد رأيت من إصرار الناس طيلة هذه القرون على التمسك بالصلاة البتراء تصغيراً من شأن أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ما يدعو إلى النظر في تعبّد هؤلاء وأحوالهم ، مع أنّ الذين أسّسوا أساس التحريف والحرب والمنع ، قد ذهبوا
_________________
(١) انظر مثلا : صحيح مسلم ١ : ٦٠ ـ ٦١.
(٢) الاستيعاب لابن عبد البر ٣ : ١١١٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٩ واللفظ للأول.
(٣) تاريخ دمشق ١٨ : ٤٠٤ ، أُسدُ الغابة ٣ : ٢٤٤.