قال الشيعي : لو تتبّعنا الحقبة التاريخيّة التي سبقت وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ، وما تبعها من أحداث كحادثة السقيفة ، فإنّنا نجد أنّ الروايات في معظمها قد دوّنت بأسانيد تضمنت أشخاصاً قد طعن في صدقيتهم ، فكذّب علماء الجرح من كذّبوا منهم وضعّفوا من ضعّفوا ، ومع ذلك مرّت رواياتهم التي كانت في معظمها بعيدة عن حقيقة ما وقع في تلك الفترة ، واعتمدها أكثر رواة التاريخ دون بحث وتمحيص ، ولعل محمّد بن جرير الطبري الذي يُعتبر من أقدم مصادرها ، قد دوّنها في تاريخه ، والفاصل الزمني بينه وبين تلك الأحداث يناهز الثلاثة قرون دون تحقيق ، ولو بذل جهداً بسيطا في ذلك المجال لردّها كلّها. وسيأتيك أنّ حديث النجوم باطل وموضوع.
أمّا قولك بأنّ الصحابة لا يجتمعون على باطل ، فإنّهم لم يجتمعوا كلّهم على موالاة الخليفة الأوّل ; لأنّ بيعته قد تمّت في غياب كافّة بني هاشم الذين كانوا منشغلين في تجهيز النبي صلىاللهعليهوآله ، مضافاً إلى ذلك غياب عدد من المهاجرين كالزبير وطلحة وأبي ذر وعمار وآخرون كالمقداد وسلمان.
أمّا ما نسبته إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله من حديث بأنّ أصحابه كالنجوم بأيّهم نقتدي نهتدي ، فالحديث مردود من طرف عدد من أرباب علم الحديث عند مذاهبكم ، كابن حزم وابن حنبل وابن عبد البر ، كما حكم الألباني بوضعه (١) ، وفي حقيقة الأمر ، فإنّ الحديث المزعوم لا يستقيم مع القرآن وواقع الصحابة أنفسهم ; لأنّهم كانوا طبقات متفاوتة في التديّن والتقوى ، فهنالك الصحابي المؤمن ، والذي في قلبه مرض ، والمنافق الذي أظهر الولاء وأبطن العداء ، وقد جاء في عدد من الآيات ما يُفنّد عدالتهم جميعاً لاختلافهم مع بعضهم ، وافتراقهم عن بعضهم ، ومحاربتهم بعضهم بعضاً ، ولم تتضمن آية من القرآن ما يفيد عصمتهم حتّى يكون
_________________
(١) انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١ : ١٤٤ ـ ١٤٥ ، حديث رقم (٥٨).