اقتداؤنا بأحدهم هداية ومنجاة ، ناهيك أنّ في القرآن آيات جاءت فاضحة لسرائر وخفايا عدد منهم ، وقد بيّن النبيّ صلىاللهعليهوآله في أحاديث الحوض التي أجمع على إخراجها كبار الحفّاظ ، أنّ عدداً من صحابته سيدخلون النار ، فبطل الاقتداء بهم لانتفاء العصمة وسقوط العدالة عنهم ، ودخول أكثرهم النار ، وسقطت تبعاً لذلك رواية أصحابي كالنجوم ، لعدم ملاءمتها لكلّ ذلك الواقع ، ودخول عدد من الصحابة النار بما اقترفت أيديهم ، ليس أمراً مستحيل الوقوع ; لأنّ الصحابة ليسوا شركاء في نبوّة النبي صلىاللهعليهوآله ، ولا جاء في القرآن والسنة النبوية المطهرة ما يفيد براءتهم ونجاتهم من النار يوم القيامة ، هم أناس مكلّفون مثلنا ، جرى عليهم من الأحكام والقضاء والقدر ما جري ويجري على كلّ الأجيال الإسلاميّة ، وكلّ فضل حصّله أحد الصحابة أو اكتسبه فلنفسه وليس لأحد ، رضي الله تعالى في كتابه عن صلحائهم ، ولعن وتوعّد وفضح طلحاءهم ومرضى القلوب منهم.
ثمّ إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بيّن مرجعيّة الأُمّة في حالة الاختلاف في مواطن عديدة منها ما قاله لعمّار : « يا عمار بن ياسر رأيت عليّاً قد سلك وادياً ، وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي فإنّه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى » (١). فتبيّن أنّ حجّة اجتماع الأمّة من دون علي عليهالسلام لا تدلّ على أنّ الحقّ مع الأمّة ، بينما يدلّ شخص عليّ عليهالسلام ، ومواقف عليّ عليهالسلام ، أنّه مع الحق دائماً وأبداً ، ولا أدلُّ على ما أقول من قوله صلىاللهعليهوآله : « عليّ مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة » (٢) وقوله صلىاللهعليهوآله أيضا : « علي مع القرآن والقرآن مع علي ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٣).
_________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ : ١٨٨.
(٢) المصدر نفسه ١٤ : ٣٢٣ ، تاريخ ابن عساكر ٤٢ : ٤٤٩.
(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢٤.