قلت : طالما أنّ النصوص مشتركة النقل ، فلماذا اختلف في مقاصدها ومعانيها ؟
قال : بسبب التأويل الذي سلكه العلماء ، في تحديد معاني المفردات التي وردت في أحاديث النبيّ صلىاللهعليهوآله.
قلت : ولم يكن هناك سبب آخر أسهم في خلق ضبابيّة حالت دون بلوغ مقاصد تلك الأحاديث ؟
قال : ربّما تأخّر تدوين أحاديث النبيّ صلىاللهعليهوآله ، هو الذي أسهم بشكل كبير في خلق حالة من سوء الفهم والتأويل الخاطىء لبعض المصطلحات التي تكلّم بها النبيّ صلىاللهعليهوآله.
إلى هنا انتهى حديث الأستاذ ، ومنه
انطلقت في أفق السنّة النبويّة ، والتاريخ ، والسيرة ، أبحث عن قرينة تمكّنني من التعرّف على نظام الحكم الإسلامي الصحيح ، وكان عَلَيّ أوّلا أنْ أتعرّف على تفاصيل السيرة النبويّة العطرة ،
لكنّني اصطدمت منذ الخطوة الأولى بعائق كبير ، تمثّل في طعن الرواة والحفّاظ بعضهم بعضاً ، الأمر الذي دفع المحقّقين إلى التشكيك في صدقيّة أكثر الحفّاظ ، للدور الكبير الذي لعبه سلاطينهم ، في إذكاء روح التفرقة وغرس أسباب الفتنة بين المسلمين ، وفي إجبار عدد كبير من علماء السلطان على تجاهل عدد من الحقائق ، أو توهينها ، والسكوت عنها ، ومن بين تلك الحقائق ، حادثة هامّة ومصيريّة إن صحّ وقوعها ، فإنّها قد تعصف بكلّ البناء الذي أسّسه الاتجاه الشوروي في الحكم بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله
، الحادثة كما أُخبر عنها ، تمثّلت في أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله
بتجهيز جيش من الصحابة لمحاربة الروم ، وقد عقد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بيديه الشريفتين لواء تلك السريّة ، وأمّر عليها أسامة بن زيد ، وأشرك فيها كما نصّ على ذلك أغلب أصحاب السيرة والتاريخ ، ووجوه الصحابة منهم أبو بكر