علي صلىاللهعليهوآله ؟ وما قام به عمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، وسمرة بن جندب ، وأبو هريرة ، لا يبعد عن ذلك الولاء الأعمى. ولماذا بلغت هشاشة العقيدة في ذلك العصر وما تلاه ، إلى أنْ يُسبّ علي عليهالسلام وأهل بيته على منابر الإسلام ، والسابّ لعلي عليهالسلام كالسابّ لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد احتجّت أمّ المؤمنين أمّ سلمة على ذلك بقولها لأبي عبد الله الجدلي : « أيسبُّ رسول الله صلىاللهعليهوآله فيكم ؟ قلت معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها ، قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول من سبّ علياً فقد سبني » (١).
ولماذا بلغ الحال بالأمّة إلى ذلك المستوى من التنكّر لعلي عليهالسلام وحال علي عليهالسلام من أوضح الواضحات عند من في قلبه مثقال ذرّة من إيمان ؟
أسئلة تقاطرت عليّ من كلّ جانب ، وألحّت في الإجابة التي لم تكن بالطبع عند أولئك المؤرخين الذين نقلوا جملة من الأخبار المتراوحة بين الصحيحة والمحرّفة ، والواقعة والموهومة ، والثابتة والواهية. هذا ولم يكن همّهم غير نقل الروايات التي مثلت انتماءهم الفكري والعقائدي ، وشحن كتبهم بها مهما كانت نسبة صحتها ، وقد أساء الطبريّ إلى نفسه ومن تبعه في اعتماد رواياته المتعلقة بأحداث ما اصطلح عليه بالردّة إلى ما بعد شهادة الإمام علي عليه السلام ، فقد كان عمدته في تلك الروايات ، عدد من الكذابين والوضاعين من المشهورين والمجهولين ، منهم سيف ابن عمر الضبيّ ، الذي أجمع علماء الجرح على أنّه كذّاب.
ثم انتقلت لمزيد من التأكد إلى الكتب الروائية ( البخاري ، مسلم ، الترمذي ، النسائي ، أبو داود ، ابن ماجة ) فحصلت عندي قناعة بعد ذلك ، بأن أرفض كلّ الكتب الروائية التي أُنزلت منزلة القداسة ، ووُصفت بأنّها أصحّ الكتب بعد كتاب
_________________
(١) مسند أحمد ٦ : ٣٢٣. وانظر سنن النسائي ٥ : ١٣٣ ، والمستدرك ٣ : ١٢١.