في وطء الحلائل في الدبر.
ولنا في ذلك روايتان : إحداهما الإباحة ، وهو اختيار المفيد رحمهالله والشيخ أبي جعفر رحمهالله ، والأخرى التحريم.
احتج المبيح بالنصّ والأثر والمعقول.
أمّا النصّ فوجوه :
الأوّل قوله تعالى ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) (١).
وأنّى بمعنى كيف ومن أين. لا يقال : إنّ الحرث اسم لموضع النسل. لأنّا نقول :
كنّى بالنساء عن الحرث ، فيجب أن يكون التحليل عائدا إليهنّ. وفي الاستدلال بهذا إشكال.
الوجه الثاني : احتجّوا بقوله تعالى ( هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) (٢).
وقد علم رغبتهم فيكون الإذن مصروفا إلى تلك الرغبة. ويمكن أن يقال : ما المانع أن يكون أمرهم بالاستغناء بالنساء؟ لأنّ قضاء الوطر يحصل بهنّ وإن لم يكن مماثلا ، كما يقال : استغن بالحلال عن الحرام وإن اختلفا. ثمّ لو سلّمناه لكان ذلك مشروعا في غير ملّتنا ، فلا يلزم وجوده في شرعنا.
واستدلّوا أيضا بقوله ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ ) (٣) وليس لازما ، لأنّ الاحتمال فيه قائم.
والوجه الاستدلال بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلّا عَلى
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٣.
(٢) سورة هود : ٧٨.
(٣) سورة الشعراء : ١٦٦.