لم أقف على قول لقدماء الأصحاب ، ولا على نصّ من الأئمة عليهمالسلام دالّ بالتعيين على اعتبار النيّة في صحّة الطهارة ، لكن السيّد المرتضى وشيخنا أبو جعفر ومن تابعهما رضوان الله عليهم اعتبروا ذلك وعليه أعمل (١).
ويدلّ على ذلك النصّ والأثر والمعقول.
أما النصّ فوجهان :
الأول : قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) (٢). وتقدير الكلام : فاغسلوا هذه الأعضاء للصلاة ، لأنّ هذا هو المعروف من قولك : إذا لقيت العدوّ فخذ سلاحك ، وإذا لقيت الأمير فخذ أهبتك ، بمعنى خذ السلاح للعدوّ والأهبة للأمير ، فيكون حقيقة في هذا المعنى دفعا للاشتراك والتجوّز.
الثاني : قوله تعالى ( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٣). والطهارة من الدين ، أمّا أوّلا : فلقوله ( عليهالسلام ) : الوضوء شرط الإيمان (٤) ، وقوله ( عليهالسلام ) : وضوءك من صلاتك فلا تشرك فيه أحدا غيرك. وأما ثانيا :
__________________
(١) قال الشيخ الطوسي في الجمل والعقود ص ١٥٨ : الوضوء يشتمل على أمرين أفعال وكيفياتها فالأفعال على ثلاثة أضرب : واجب ، ومندوب ، وأدب ، فالواجب خمسة أشياء : النيّة وغسل الوجه و .. وقال في فصل آخر : فإذا أراد الغسل وجب عليه أفعال هيئات ثمّ قال : هيئات ثلاثة مقارنة النيّة لحال الغسل والاستمرار عليها حكما.
وقال السيد المرتضى في الناصريات المسألة ٢٤ : النيّة شرط في صحة الوضوء عندنا أنّ الطهارة تفتقر إلى نيّة وضوءا كانت أو تيمّما أو غسلا من جنابة أو حيض وهو مذهب مالك والشافعي و ..
(٢) سورة المائدة : ٦.
(٣) سورة البيّنة : ٥.
(٤) الكافي ٣ ـ ٧٢ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : الوضوء شطر الإيمان.