يلزم على ذلك تعطيل المصالح الدنيويّة ، ولا نسلّم أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يقنع بمجرد الإقرار ، وإن قنع بذلك في أول وهلة فلقصد التسليك بالأرفق ، كما قال صلىاللهعليهوآله : علّموا ويسّروا ولا تعسّروا (٨).
وبالجملة المراد الاستناد في العقائد الدينية إلى ما يثلج به صدر المعتقد من مستندها أمّا التدقيق والمبالغة في دفع الشبهة المستوعبة للأوقات المتطاولة فذلك إلى أئمة العرفان. نعم كلّ من عرض له شكّ في عقيدة من الإيمان (٩) فالواجب عليه الاجتهاد في النظر والتوصّل بغاية الوسع في إزالته ، وإن أهمل مع تمسّكه باعتقاد الحقّ فهو عاص ، وإن أزال الشكّ عقيدته فهو كافر.
هل إيجاد العالم لغرض أو لا لغرض حكمي ، فإن كان لغرض كان الباري مستكملا بذلك الغرض ، وإن كان لغير غرض فهو عبث فكيف التخلّص؟.
الجواب
إيجاد العالم لغرض حكمي ، وهو كون الإيجاد حسنا والباري يفعل الحسن لحسنه ، وهو الباعث على فعله لأنّه لو خلا الفعل من حكمة باعثة لكان عبثا ،
__________________
(٨) في صحيح البخاري ٥ ـ ٢٠٤ : عن أبي بردة قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمين قال : وبعث كلّ واحد منهما على مخلاف ، قال : واليمن مخلافان.
ثم قال : يسّرا ولا تعسرا وبشّرا ولا تنفّرا .. وفي صحيح مسلم ٦ ـ ١٠١ : ادعوا الناس وبشّرا ولا تنفّرا ويسّرا ولا تعسرا.
أقول : في بعض الروايات كما في الجامع الصغير للسيوطي : يسّروا ولا تعسّروا بصيغة الجمع ، وقال بعضهم : إنما قال : يسّروا بالجمع مع أنّ المخاطب اثنان لأنّ الاثنين جمع في الحقيقة إذ الجمع شيء إلى شيء
(٩) كذا.