قلنا : ما المانع أن يؤجر.
قوله : منفيّ بالاتّفاق. قلنا : نحن نمنع ، لأنّ الأجر أعمّ من الثواب ، فلئن امتنع حصول الثواب مع التجرّد عن النيّة ، فإنّا لا نمنع حصول عوض ومجازاة مجرّدة عن التعظيم (١٢) ، يسمّى أجرا ، فما المانع منه؟.
وأما الاستدلال بقوله : إنّما الأعمال بالنيّات ، فجوابه المطالبة بتصحيح الرواية ، فإنّا لم نقف عليها إلّا مرسلة أو مسندة إلى مخالف في العقيدة (١٣)
ولو سلّمناها فإنّا نمنع دلالتها ، فإن قال : « إنّما » حاصرة ، فلا يثبت عمل من دون نيّة ، لأنّ الصحابة عرفت معناها من قوله ( عليهالسلام ) : إنّما الماء من الماء (١٤) وعرفه ابن عبّاس من قوله ( عليهالسلام ) : إنّما الربا في النسيئة (١٥). قلنا : هذا معارض بقوله تعالى ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) (١٦). وبقول العرف : إنّما السخاء لحاتم ، وليس مجازا ، لأنّ الأصل عدم التجوّز ، فيكون حقيقة. سلّمنا أنّها للحصر ، ولكن لا نسلّم دلالتها على موضع النزاع ، لأنّه غاية ما يدلّ
__________________
(١٢) الثواب هو العوض المقارن للتعظيم. راجع الكتب الكلامية باب الثواب والعقاب.
(١٣) قال الشهيد الثاني في كتابه الدراية في علم مصطلح الحديث ص ١٥ : وحديث إنّما الأعمال بالنيّات ليس من المتواتر وإن نقله الآن عدد التواتر وأكثر فإنّ جميع علماء الإسلام ورواة الحديث الآن يروونه وهم يزيدون عن عدد التواتر أضعافا مضاعفة لأنّ ذلك التواتر المدّعى قد طرأ في وسط إسناده الآن دون أوّله فقد انفرد به جماعة مترتّبون أو شاركهم من لا يخرج بهم عن الآحاد.
(١٤) رواه مسلم في صحيحة ١ ـ ١٨٥ وقيل في شرحه : إنّما وجوب الاغتسال من نزول المني.
(١٥) قال الشيخ في التهذيب ١ ـ ٨٤ إنّ ابن عباس رحمهالله كان يرى جواز بيع الدرهم بالدرهمين نقدا وناظرة على ذلك وجوه الصحابة واحتجوا عليه بنهي النبي صلىاللهعليهوآله عن بيع الذهب بالذهب والفضّة بالفضة فعارضهم بقوله عليهالسلام إنّما الربا في النسيئة فرأى ابن عباس هذا الخبر دليلا على أنّه لا ربا إلّا في النسيئة.
(١٦) سورة فاطر : ٢٨.