النسب من الولي وهو القرب ، ومن معانيه أيضاً الناصر ، قيل : ومنه قوله تعالى : ( ذَٰلِكَ بِان الله مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ ) والصديق قيل : ومنه قوله تعالى : ( يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا ) ، أي صديق عن صديق ، قيل : والوارث ، ومنه قوله تعالى : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) أي ورثة ، إلى غير ذلك ، ومن أكمل معانيه وأتمها بل ومن أشهرها وأظهرها هو الأولى بالإِنسان من نفسه ، فالمولى بهذا المعنى يطلق على كل عال ذي مقام شامخ مطاع أمره نافذ حكمه ، فتقول له : أنت مولاي أي أولى بي من نفسي ، بل وبهذا المعنى يطلق أيضاً على مالك الرقبة فإنه أولى بعبده من نفسه ، إذ هو المتصرف في أموره وشؤونه والعبد كلّ عليه لا يقدر على شيء ، ومن هنا صح أن يقال : إن مالك الرقبة ليس معنى آخر مستقلاً للفظ المولى في قبال الأولى بالإِنسان من نفسه بل هو من مصاديقه وأفراده والجامع بينهما كما أشرنا هو كل عالٍ ذي مقام منيع شامخ مطاع أمره نافذ حكمه ، فكل من كان كذلك فهو بالنسبة إلى من دونه مولاه أي أولى به من نفسه ، سواء كان ذلك ممن يملك رقبته بحيث إن شاء باعه كما في موالي العبيد أم لا .
[ وبالجملة ] إن المولى الواقع في قوله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ليس المراد منه إلا الأولى بهم من أنفسهم الذي هو عبارة أخرى عن الإِمام والأمير وذلك بشهادة قرائن قطعية .
( منها ) قوله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فبعدما قال أصحابه : بلى قال : من كنت مولاه فعليٌ مولاه فتفريعه صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قول : من كنت مولاه على قوله : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم دليل واضح على كون المولى هنا بمعنى الأولى بهم من أنفسهم وإلا لكان قوله : ألست أولى لغواً جداً ، هذا مع أن في كثير من طرق الحديث التفريع بالفاء صريحاً مثل قوله : فمن كنت مولاه فعليٌ مولاه ، وهذا أظهر وأصرح في التفريع كما لا يخفى .