أقول : الذي يظهر من هذين الكتابين أنّ القاضي النعمان كان يعتقد بالتفريق بين الباطن والظاهر ، وأنّ لكل ظاهر باطن ، لذلك اعتنى بهذه الطريقة ، وألّف على نهجها كتباً ، والمعروف أنّ هذا المنهج وهذه الطريقة من الأمور التي اشتهرت بها الإسماعيليّة ، وصارت علماً لها حتّى سمّوا بالباطنية.
نعم ، قيل : إنّ القاضي النعمان من الباطنية الأقلّ تشدّداً في تأويل الظاهر ، والتعمّق في الباطن ، ولكن حتّى الاعتدال في طريقته التأويلية يمكن نقاشه.
وذلك من خلال أنّ القاضي النعمان يعتبر من المؤسّسين لهذه الطريقة ، بحيث اعتمد عليه كبار علماء الإسماعيليّة ، وأخذوا عن كتبه ، وتبنّوا آراءه ، ومن المعلوم أنّ هذه الطريقة كانت فتيّة ، وفي طور التأسيس ، لذلك صحّ وسمها بالاعتدال ، وذلك بالنسبة لمن جاء بعد النعمان من علماء متعمّقين في التأويل وعلم الباطن ، فسبب اعتداله هو تأسيسه لا اعتداله ، فالقضية نسبية لا أكثر.
فما ادّعاه النوري من أنّ القاضي النعمان لا يعتمد طريقة التأويل والباطن ليس في محلّه ، نعم لم يذكر هذا الأمر في كتابه الدعائم ، ولكنّه ذكره في باقي كتبه ، بل صنّف فيه كتباً.