أقول : لكنّهما لا ينفيان وجوب التداوي وحده ، بل لزوم تحصيل المعاش والنفقة وتحصيل كلّ أمر متوقّف على أسبابه أيضاً حتّى تحصيل العلم أيضاً! بل لازم هذا التخيّل عدم وجوب حفظ النفس! وهو كما ترى.
وهل يمكن أنْ يفتي عاقل بجواز ترك شرب الماء أو أكل الطعام للمضطّر الذي يشرف على الهلاك؟
والحل أنّ التوكّل لا ينافي السعي إلى تحصيل الاَسباب ولا هي تنافيه ( وأعقل راحلتك وتوكّل على الله ) (١) ، والدعاء لم يشرّع لاِبطال الاَسباب الطبيعية قطعاً ، والاَئمة عليهم السلام تداووا وأمروا أتباعهم بالتداوي كما في الاَحاديث الكثيرة (٢). بل ورد في بعض الاَحاديث ان من يترك أموراً لا يستجاب دعاءه.
ثم إنّ التداوي كما قد يجب على المريض يجب العلاج على الطبيب أيضاً وإنْ جاز له أخذ الاُجرة على طبابته إذا قدر المريض عليه.
وفي رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام المرويّ في التهذيب قال : سألته عن الرجل يعالج الدواء للناس فيأخذ عليه جعلاً؟ قال : لا بأس (٣).
قال الفقيه اليزدي قدس سره في خاتمة كتاب الاِجارة من العروة الوثقى :
( السابعة عشرة ) لا بأس بأخذ الاُجرة على الطبابة وإنْ كانت من الواجبات الكفائية ، لاَنها كسائر الصنائع واجبة بالعرض لانتظام نظام معائش
__________________
(١) ج ٧١ ص ١٣٧ وج ١٠٣ ص ٥ بحار الانوار نسخة الكامپيوتر.
(٢) لاحظ الجزء ٦٢ من بحار الانوار.
(٣) ص ٣ ج ٥٩ بحار الانوار والسند صحيح على المشهور ولنا في صحة طريق الشيخ الى الحسين بن سعيد بحث ذكرناه في « بحوث في علم الرجال ».