قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان : أي لاَمرنهم بتغيير خلق الله فليغيّرنه ، واختلف في معناه فقيل : يريد دين الله وامره ، عن ابن عباس وإبراهيم ومجاهد والحسن وقتادة وجماعة ، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام ، ويؤيده قوله تعالى : ( فَأقمْ وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناسَ عليها لا تبدِيلَ لخلق الله ) (١) ، وأراد بذلك تحريم الحلال وتحليل الحرام. وقيل : أراد معنى الخصاء عن ... عن ابن عبّاس ... وقيل : إنّه الوشم ، عن ابن مسعود ، وقيل ، إنّه أراد الشمس والقمر والحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلى عبادتها ، عن الزجاج ، انتهى (٢).
أقول : الاَخير خلاف الظاهر جداً أو غلط ، فإنّ العدول عن الانتفاع الصحيح بمخلوق ليس تغييراً له ، واما القولان الوسطان فهما أيضاً ضعيفان ، لاَنهما من التقييد من دون مقيد.
وعلى الجملة إنْ أُريد من تغيير الخلق ـ الذي هو بمعنى المخلوق ضرورة عدم قدرة البشر على تغيير الخلق بمعنى المصدر والله غالب على أمره ـ مطلقه لزم تخصيص الاكثر المستهجن جداً لجواز تغيير أكثر المخلوقات من النبات والجماد والحيوان بل الانسان (٣) ـ وإنْ شئت فقل : إنّ حياة الانسان وحوائجه الاولية موقوفة على تغيير المخلوقات حتّى لا يمكن أكله من دون تغيير وكلّ ذلك جائز بالضرورة الدينية ـ وإنْ اُريد بعضه فلابدّ
__________________
(١) الروم آية ٣٠.
(٢) مجمع البيان ، في تفسير سورة الروم آية ٣٠.
(٣) يجوز كثير من العمليات الطبية وغير الطبية في حقه وجواز إزالة شعره سوى اللحية وغير ذلك.