والحال إنّ حفظ النفس المؤمنة أيضاً واجب عقلاً وله ثواب كثير ، لقوله تعالى : ( ومن أحياها فكأنّما أحيى الناس جميعاً ) (١).
وكقطع إحدى اليدين أو الرجلين لزرعها في بدن الغير بعوض أو بغير عوض ، حتى اذا كان ذلك للاحتياج الى مال لاَجل أداء النفقة الواجبة أو دين الناس أو لاَداء حق الله كالزكاة والخمس حيث قصر في أدائهما ولا قدرة له اليوم إلاّ بذلك؛ فإنّ أداء دين الله تعالى ودين الناس وحقوقهم لا يجب بهذا النحو قطعاً. بل هو عاجز غير مكلف به فعلاً.
نعم اذا توقّف أصل حياته على ذلك جاز أو وجب ذلك سواء كان القطع لزرعه في بدن نفسه أو في بدن غيره بعوض يتوقف عليه حياته ، والله أعلم.
وهنا قسم رابع لا شكّ في جوازه ، يقول السيّد الاَستاذ الخوئي رضي الله عنه : لا يجوز قطع عضو من أعضائه الرئيسية التي يضر بحياته أو يوجب نقصاً وعيباً (٢) ، نعم يجوز قطع الجلد ولحم الفخذ مما ينبت مكانه ثانياً ، ويجوز له أخذ المال لاَجل القطع (٣).
اقول : ومن هذا القسم بيع لبن الاِنسان وإجارة المرضعة واخراج الدم وبيعه على الاَقوى ، فإنّ له منفعة محلّلة مقصودة في مثل اعصارنا ، ولا نقبل دعوى الاجماع المنقول على عدم صحة بيعه ، وكذا يجوز قص الشعر وبيعه اذا فرض له منفعة محلّلة مقصودة.
__________________
(١) المائدة آية ٣٢.
(٢) لا دليل على حرمة كل ما يوجب العيب والنقص وإلاّ لبطل استدراكه واستثناءه بقوله نعم يجوز ...
(٣) أي لا لاجل صحة البيع ( والله العالم ) وعلى كل أخذ المال لاجل القطع لا اشكال فيه ان جاز القطع كما يجوز لاعراضه عن حقه على العضو المقطوع.