وأما المورد الثاني ، فإنْ كان في رفع صحة الاُم حرجاً شديداً عليه جاز اسقاط الجنين الذي لم تلجه الروح بعد لقاعدتي نفي الحرج والعسر ، بل ولقاعدة نفي الضرر ، وأمّا إذا ولجتها الروح فلا تجري تلك القواعد في المقام لاَنها امتنانية في حق جميع المكلفين ، فلا معنى لاَجرائها لنفع بعض وضرر بعض آخر.
أقول : لا مانع من صحّة هذا القول المشتهر بالنسبة لقاعدة نفي الضرر في المقام ، وأما بالنسبة إلى قاعدتي نفي الحرج والعسر فلا نسلمها ، فإنّ في شمول مثل قوله تعالى : ( ما جَعل عليكم في الدين من حرج ) (١) ، ومثل قوله : ( يريد الله بكم اليسر ) ، للجنين منع واضح ، بل في شموله للاَطفال غير المميزين بل المميزين إشكال ، فإنّ القدر المتيقن من الخطاب فيهما ( عليكم ـ بكم ) هم المكلّفون ، ولكن مع ذلك لا يتيسر الفتوى بجواز اتلافهما لصحة اُمها لقوله تعالى : ( ومن قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد ) (٢) ، وغيره ، والله العالم.
ومنه يظهر الحال في المورد الثالث ، فإنّه كالثاني في الحكم.
وأمّا المورد الرابع فلا شكّ في لزوم إخراجه ولا دية فيه قطعاً ، بل إذا تتضرر الاُم ببقائه لزم اخراجه في الجملة؛ كما انه يجوز إجهاض الحمل المسمّى بالعنقودي أو الحمل الحويصلي ، فإنّه حمل ينتج عنه تكوين كتلة من الانسجة على شكل حويصلات مائية تشبه عنقود العنب في مظهرها ، ولا تكون جنيناً أو إنساناً سوياً ، وقيل : إنّ إجهاض مثله واجب طبي وتخليص الرحم منه فور تشخيصه ضروري تلافياً لحدوث مضاعفات
__________________
(١) الحج آية ٧٨.
(٢) المائدة آية ٣٢.