الهمداني ، فقالا : لا يسوءك الله يا أمير المؤمنين ، مرنا بأمرك نتبعه ، فوالله ما نعظم جزعاً على أموالنا إن نفدتْ ، ولا على عشائرنا إن قتلت في طاعتك ، فقال : «تجهّزوا للمسير إلى عدونا». (١)
وقد ابتُلي الإمام بهذه الطوائف المختلفة الأهواء المتعددة المشارب ، ومع ذلك حارب بها الناكثين والقاسطين والمارقين ، وهذا يدلّ على حكمته وصبره.
قال ابن أبي الحديد :
إنّ علياً كان يقرأ في صلاة الصبح وخلفه جماعة من أصحابه ، فقرأ واحد منهم رافعاً صوته ، معارضاً قراءة أمير المؤمنين عليهالسلام (إنِ الحُكْمُ إلاّ للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلينَ) (٢) فلم يضطرب عليهالسلام ولم يقطع صلاته ولم يلتفت وراءه ، ولكنّه قرأ معارضاً له على البديهة (فاصْبِرْ
____________________
١. شرح نهج البلاغة : ١ / ٩٠.
٢. الأنعام : ٥٧.