واعية ، ولا تريالي سواداً ، فإنّه من سمع واعيتنا أو شهد سوادنا ولم يعيننا كان حقاً على الله عزّوجلّ أن يكبّه من منخريه في النار) (١). فهذا هو عمرو بن قيس وابن عمّه تقاعدا من النصرة واعتذرا للحسين عليهالسلام بالتجارة.
وأمّا الذي استنصره الحسين عليهالسلام وما أجابه وندم بعدها على عدم نصرته هو «عبيدالله بن الحر الجعفي» ـ كما ذكره صاحب درّ النظيم ـ عن أبي مخنف قال :
لمّا نزل الحسين عليهالسلام «قصر بني مقاتل» رأى فسطاطاً مضروباً فقال : لمن هذا الفسطاط؟ فقيل له : لعبيدالله بن الحرّ الجعفي ، وكان مع الحسين عليهالسلام الحجاج ابن مسروق الجعفي وزيد بن معقل الجعفي ، فأرسل الحسين عليهالسلام الحجاج ليدعوه إليه ، فلمّا أتاه وقال له : يابن الحرّ أجب الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال له : أبلغ الحسين عنّي وقل له إنّي لم أخرج من الكوفة إلّا فراراً من دمك ، ولئلّا أعين عليك ، والحسين ليس له ناصر بالكوفة ولا شيعة.
فجاء الحجاج وبلّغ الحسين عليهالسلام مقالته فعظم ذلك على الحسين عليهالسلام ، ثم أنّه دعى بنعليه وقد ركبها ، وأقبل يمشي حتى دخل على عبيدالله وهو في الفسطاط ، فلمّا رأى الحسين أقبل قام إجلالاً له وأوسع له عن صدر المجلس حتى أجلسه في مكانه ـ قال يزيد بن مرة : حدّثني بن الحر ، قال : دخل عليَّ الحسين عليهالسلام ولحيته المباركة كأنّها جناح غراب ، وما رأيت أحداً قط أحسن ولا أملأ للعين من الحسين ، ولا رققت لأحد قط كرقّتي على الحسين حين رأيته يمشي وأطفاله حواليه (٢) ـ ، فألفت الحسين عليهالسلام ألى عبيدالله وقال له : «ما يمنعك يابن الحرّ أن
__________________
(١) أسرار الشهادات للفاضل الدربندي : ٢ / ١٦٦ (المجلس الرابع).
(٢) هذا الخبر جاء اعتراضي من المؤلف رحمه الله ضمن سرد خبر «الدرّ النظيم» ، وسيعود إلى اتمامه بعد تمام هذا الخبر.