بعض على أنّ الأمير قد بعث جيشاً جرّاراً إلى الكوفة لقتال مسلم بن عقيل بحيث يسمع أصحاب مسلم فإذا سمعوا ذلك فإنّهم يتفرّقون عن مسلم ويتخاذلون فيما بينهم. قال : وقام إليه أنس بن مالك ، وقال : يا أمير الآن معك في قصرك ما ينوف على ثلاثمائة رجل فاخرج إليهم وقاتلهم ؛ فالتفت إليه ابن زياد وقال له : اعرض عن هذا الكلام ، والتفت إلى شبث بن ربعي وقال له : القول ما قلت أنت ، فدعى ابن زياد ثلاثين رجلاً من اصحابه وقال لهم : إنزلوا جميعاً والحقوا بأصحاب مسلم بن عقيل ؛ فنزلوا واختلطوا مع أصحاب مسلم ، وجعلوا يسبّون ابن زياد ويزيد ، وجعلم يكلم بعضهم بعضاً بأن الأمير يزيد بن معاوية قد بعث جيشاً جرّاراً لقتال مسلم بن عقيل ، وصاح شبث بن ربعي من أعلي القصر : أيها الناس ... إلحقوا بأهاليكم ولا تعجّلوا الشرّ ولا تعرضوا أنفسكم للقتل ، فإن جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت من الشام ، فإن صمّمتم على حربنا ولم تنصرفوا من عشيّتكم هذا فيحرم ذريّتكم العطاء ويفرّق مقاتلتكم ؛ وتكلّمت الأشراف بنحو من ذلك فلما سمعوا أصحاب مسلم جعلوا يتشتتون ويتفرّقون عنه.
قال أبو مخنف : حدّثني مجالد بن سعيد ، قال : إن المرأة كانت تأتي ولدها وأخاها فتقول له : انصرف فالناس يكفونك ، ويأتي الرجل إلى إبنه وأخيه ويقول له : انصرف غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر!! حتى يذهب به ، فما زالوا يتخاذلون ويتفرقون حتى أمسى مسلم ولم يبقي معه إلا ثلاثون رجلاً ، فدخل المسجد وصلى المغرب والعشاء وهم معه ، ثم خرج من باب كندة فنظر وأذا عشرة ، ثم صار في بعض الأزقة فنظر إلى ورائه فلم يجد أحداً منهم من يدّله على الطريق ، فمضى على وجهه يتلدد في أزقة الكوفة ولا يدري إلى أين يذهب؟! حتى خرج إلى دور بني جبلة من كندة فمشى حتى انتهى إلى باب الدار وعليها أمرأة يقال لها «طوعة» ام ولد ، وكانت تحت الاشعث بن قيس ، ثم تزوّجها أسيد