قال الراوي : وجعل يضرب بسيفه فصاح محمد بن الأشعث يا مسلم لك الأمان لا تقتل نفسك فجعل يقول :
أقستُ لا أُقتلُ إلّا حُرّا |
|
وإن رأيتُ الموتَ شيئاً نُكراً |
كُلُّ امرءٍ يوماً ملاقٍ شَرّا |
|
أخاف أن اكذب أو أُغَرّا |
ردّ شعاع الشّمس فاستقرّا |
|
وتَخلِطُ الباردَ سُخناً مُرّا |
فقال له محمد بن الأشعث : يا مسلم لا تكذب ولا تقر أنت آمن ، فقال له مسلم : لا أمان لكم أهل الكوفة!! فجعل يقاتلهم حتى قتل منهم جماعة ، فأرسل محمد بن الأشعث لابن زياد أن مدّني بالخيل والرجال ، فبعث إليه جند كثير فجعل مسلم يقاتلهم حتى قتل منهم مقتلة عظيمة ، فأرسل محمد بن الأشعث أن مدّني بالخيل والرجال ، فبعث إليه ابن زياد : إنّما بعثتك على رجل واحد من بني هاشم فكيف لو بعثتك إلى من هو أشجع منه؟! يعني الحسين عليهالسلام فأرسل إليه [ابن الأشعث] : [أيّها الأمير أتظن أنك] بعثنتي على بقال من بقاقيل الكوفة أم إلى جرمقان (١) من جرامقة الحيلة؟! هذا مسلم بن عقيل عمّه على ابن أبي طالب ، فمدّه ثلاثاً بالخيل والرجال ومسلم يقاتلهم حتى اثخن بالجراح ، وكثرت عليه الحجارة والخشب والرماد من فوق الدور ، وجعلوا يضرمون النار بأطناب (٢) القصب ويرمونه عليه ، فلمّا شاهدوا منه هذه البسالة وهذه الشجاعة قد دمّر فيهم عزموا أن يأخذوه غيلة ، فحفروا له حفيرة وأسقفوها بجريد النخل والليف ووضعوا عليها التراب ، ثم لمّا حمل عليهم انكسروا بين يديه ، فأقبل يعدو خلفهم حتى سقط في الحفيرة ، فلمّا سقط فيها اغمى عليه فجاء إليه بكر بن حمران
__________________
(١) الجرمقان : هو رقاع الأخذية.
(٢) اطناب : جمع طنب والطنب الحزمة من الحطب.