أغضبك؟ قالت : ويلكم ، ما أغضبني أحد ، ولكن أنا إمرأة ما أصنع ، ويلكم سمعت أنّ الحسين بن بنت نبيّكم استنصركم وأنتم لا تنصروه ، فأخذوا يعتذرون منها لعدم السلاح والراحلة ، فقالت : أهذا الذي يمنعكم؟ قالوا : بلى ؛ فالتفتت إلى جاريتها وقالت لها : أنطلقي إلى الحجرة وآتيني بالكيس الفلاني ، فإنطلقت الجارية وأقبلت بالكيس إلى مولاتها ، فاخذت مولاتها الكيس وصبّته وإذا هو دنانير ودراهم ، وقالت : فاليأخذ كل رجل منكم ما يحتاجه وينطلق إلى نصرة سيدي ومولاي الحسين.
قال الراوي : فقام عبدالله الفقعسي وهو يبكي ـ وكان عنده أحد عشر ولداً ـ فقاموا في وجهه وقالوا : إلى أن تريد؟ قال : إلى نصرة ابن بنت رسول الله. ثم التفت إلى من حضر وقال : ويلكم هذه إمرأة أخذتها الحمية وأنتم جلوس؟ ما عذركم عند جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم القيامة.
قال : ثم خرج من عندها وتبعه من ولده أربعة فأقبلوا يجدون السير ، حتى استخبروا بأن الحسين عليهالسلام ورد كربلاء ، فجاء الشيخ بأولاده إلى كربلاء ورزقوا الشهادة.
وأما السادس : فهو سعيد بن مرّة التميمي ، وكان سعيداّ شاباً له من العمر تسعة عشر سنة ، فإنّه لما سمع بأن الحسين عليهالسلام يستنصر أشراف أهل البصرة في كتبه أقبل إلى اُمّه في صبيحة عرسه وصاح : امّاه علي بلامة حربي وفرسي .. قالت : وما تصنع بها؟! قال : اُماه قد ضاق صدري واريد ان أمضي خار البساتين ، فقالت له : ولدي إنطلق إلى زوجتك ولاطفها ، فقال : يا اُمّاه لا يسعني ذلك ... فبينما هم كذلك إذ إقبلت إليه زوجته وقالت له : إلى أين تريد يا ابن العم؟ فقال لها : أنا ماضي إلى من هو خير منّي ومنك. فقالت له : ومن هو خير منك ومنّي؟! فقال لها : سيّدي ومولاي الحسين بن علي عليهالسلام. فلمّا سمعت أُمّه بكت وقالت له : ولدي