فجعلت كلّما أشرب سال الماء (١) ، وسقيت فرسي (٢).
قال الراوي : وما زال الحر موافقاً للحسين عليهالسلام حتى حضرت وقت صلاة الظهر ، فأمر الحسين عليهالسلام الحجاج بن مسروق الجعفي أن يؤذن ، فأذّن ، ثم خرج الحسين عليهالسلام والتفت إلى الحرّ ، وقال : أتصلي بأصحابك؟ فقال الحرّ : كلا ، بل تصلي ونصلّي بصلاتك ، فصلّى بهم الحسين عليهالسلام ، فلمّا فرغ من صلاته اقبل عليهم بوجهه ، فحمد الله وأثني عليه ، وذكر النبي فصلّى عليه ، ثم قال :
أيها الناس ، إني لم آتيكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت عليَّ رسلكم فإن كتبتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه ، فقال الحرّ : أنا والله لا أدري ما هذه الكتب والرسل!! فصاح الحسين عليهالسلام لعقبة بن سلمان ، أخرج الخرجين المملوئين صحفاً ، فأخرجها عقبة ونشرها بين يدي الحسين عليهالسلام والحرّ ، فقال الحرّ : لست من هؤلاء الذين كتبوا إليك ، وقد أمرت أن لا افارقك حتى ادخلك الكوفة ، واضع يدك في يد ابن زياد.
فقال الحسين عليهالسلام : إذاً الموت أدنى إليك من ذلك. ثم أن الحسين عليهالسلام أمر أصحابه أن يسيروا ، فحال الحرّ بينهم وبين المسير ، فقال الحسين عليهالسلام : ثكلتك اُمّك ، ما تريد منهم؟ فقال الحرّ : لو غيرك من العرب قالها لي وهو في هذا الحال الذي أنت عليه ما تركت ذكر اُمّه بالثكل كائناَ من كان ، ولكن والله مالي إلى ذكر اُمّك من سبيل إلّا بأحسن ما نقدر عليه. فقال الحسين عليهالسلام : إذاً ما تريد؟ قال : اُريد أن أنطلق بك إلى الكوفة إلى ابن زياد. فقال الحسين عليهالسلام : إذاً والله لا أتّبعك.
__________________
(١) هنا سقط في الاصل : من السقاء ، فقال الحسين عليهالسلام : اخنث السقاء (أي) إعطفه. قال : فجعلت لا أدري كيف أفعل ، فقام الحسين عليهالسلام فخنثه فشربت ...
(٢) عن أبي مخنف في مقتل الحسين عليهالسلام : ٨١ ـ ٨٢.