قال : ثم رجع إلى الحسين عليهالسلام وقال : سيدي إنّي اُحدّثك بشيء ثم أعود للحرب ، اعلم لمّا وجّهني ابن مرجانة إلى الخروج إليك فخرجت من باب قصره سمعت منادياً ينادي : يا حرّ ابشر بالجنّة فالتفتّ إلى ورائي فلم أر أحد ، فقلت في نفسي : سبحان الله بعثني هذا الطاغية إلى ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فما هذا النداء؟ يا سيدي والآن تحقّق عندي أنّي اُرزق الشهادة بين يديك.
ثم ودّع الحسين عليهالسلام ، وحمل على القوم ، فلم يزل يقاتل حتى قتل جمعاً كثيراً ، ثم عقروا فرسه وبقي يقاتل راجلاً ، حتى قتل اربعين فارساً ، وخمسة عشر راجلاً ، فتعطّفوا عليه أعداء الله وقتلوه ، ولمّا قتل مشى لمصرعه الحسين عليهالسلام ، وجلس عند رأسه وهو يقول : «انت كما سمَّتك اُمّك حرّ في الدينا وحرّ في الآخرة».
ورثاه علي بن الحسين قال :
لنعم الحرِّ حرِّ بني رياحِ |
|
صبورٌ عند مُشتبكِ الرماحِ |
ونعم الحرِّ إذا واسا حسيناً |
|
وجاد بنَفسهِ عندَ الصياحِ (١) |
ويروى أن الحسين عليهالسلام عصب جبينه بمنديل كان عنده.
أقول : أنا لا أدري لمّا صرع هو عليهالسلام من حضر عنده وعصب رأسه؟ نعم ،
__________________
(١) توضيح : قال المفيد رحمه الله : اشترك رجلان في قتل الحر احدهم ايوب ابن مسرح ورجل آخر من فرسان أهل الكوفة انتهى. وقال صاحب الابصار : وإنّما دفنت بنو تميم الحر على نحو ميل من الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن اعتناءً به ويقال إنّ بعض ملوك الشيعة وهو الشاه اسماعيل استغرب ذلك فكشف عن قبر الحر فوجده على صفته التي ترجم بها ورأسه غير مقطوع لأنّه لمّا أرادوا قطع الرؤوس منعت بنو تميم وقالوا : رأس الحر لا يقطع فدفن ولم يقطع رأسه ووجده ذلك الملك معصّباً بالعصابة التي عصّبه بها الحسين فطمع بها فحلّها ليأخذها تبرّكاً بها فأنبعث الدم من جبينه فخاف ذلك الملك فشدّها وخرج من القبر وصنع على قبره صندوقاً.