عشر راية وقسّمها على أصحابه ، فبقيت في يده راية واحدة فأقبل إليه رجل من أصحابه فقال له : سيّدي سلمني هذه الراية ، فقال له الحسين عليهالسلام : انت نعم رجل ولكن لهذه الراية رجلاً يركزها في صدور القوم وهو يعرفني حق المعرفة وسأكتب إليه كتاباً يأتي ان شاء الله تعالى ؛ فقال له : سيدي ومن تعني بذلك؟ فقال له عليهالسلام : أعني حبيب بن مظاهر الأسدي ، فقال : انه لكفؤ كريم.
قال الراوي : ثم دعى الحسين عليهالسلام بدواة وبياض وكتب إليه كتاباً يقول فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ...
إلى أخيه النجيب حبيب ...
أمّا بعد ... يا حبيب فقد نزلنا كربلاء وقد بانت من أهل الكوفة الخيانة كما خانوا بأبي سابقاً ، وبأخي لاحقاً ، فإن كنت يا حبيب تروم أن تحظى بالسعادة الأبدية فبادر الى نصرتنا والسلام.
ثم ختم الكتاب بخاتمه الشريف ودفعه الى رجل من أصحابه فأقبل به يجد السير حتى دخل الكوفة ، وكان حبيب حينئذ قد قدّمت اليه زوجته طعاماً يتغذّى به وهي واقفة على رأسه تروّح له ، فبينا هو يأكل تغير لونه ، فقالت له زوجته : مالي أراك كففت عن الاكل وتغيّرت؟! فسكت رحمه الله ، ثم قالت : إن صدق ظنّي الان يأتيك رسول من الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فبينا هما بالكلام وإذا بالباب تطرق فقام حبيب وفتح الباب ، وإذا برسول الحسين عليهالسلام سلّم فرد عليهالسلام ثم قال : الله الله صدقت الحرّة بمقالتها ، ثم دخل الرسول الى الدار وخرج الكتاب وسلّمه إلى حبيب.
فضه وقرأه ، ولما علم بما فيه جرت دموعه على شيبته ووضع الكتاب على عينيه وعلى رأسه وقال : أفديه بنفسي وأهلي وولدي ، ثم قال لرسول ، ابلغ سيدي عني السلام وقل له يأتي خلفي ان شاء الله.