ثم خرج الرسول من عنده فجاءت اليه زوجته وقالت له : يا أبا القاسم سمعت كلمات حدّثك بها الرسول ، فقال حبيب : اسكتي لا يشعر بسرّنا أحد ، فقالت له : كأنّك خائف من أخبر أحداً ، والله يا حبيب إن لم تمض إلى نصرة سيدي ومولاي الحسين عليهالسلام لألبسن ملبوس الرجال وأنا أمضي الى نصرته.
قال الراوي : وكان حبيب في كل يوم يخرج خارج البساتين في زي المتنزه فالتفت ذلك اليوم إلى عبده وقال له : خذ الجواد وامض به خارج البساتين وانتظرني هناك ، فخرج العبد بالجواد فودّع حبيب أهله واولاده ثم خرج حتى إذا صار قريباً من العبد سمع العبد يخاطب الجواد وهو يقول : والله إن لم يأت إليك صاحبك ويركبك لأنا أركبك وأمضي الى نصرة سيدي ومولاي الحسين.
فلما سمع حبيب ما سمع من العبد بكى وقال : بأبي أنت واُمّي يا أبا عبدالله العبيد تريد نصرتك ومؤازرتك فكيف بنا؟
قال : فجاء إليه حبيب وأخذ منه الجواد وقال له : انطلق أنت حر لوجه الله ، فوقع العبيد على قدميه وهو يقول : سيّدي أيسرّك أن تمضي الى الجنّة وأنا أمضي إلى النار؟ لا كان ذلك أبداً بل أمضي معك الى نصرة سيّدي ومولاي الحسين عليهالسلام ، فقال له حبيب : امض بارك الله فيك.
قال : فجاء حبيب يجد السير ومعه عبده حتى ورد كربلاء في اليوم الثامن من المحرم ، وكان الحسين عليهالسلام جالساً في خيمته ومعه أخوته وأولاده وأصحابه ، إذ التفت الى اصحابه وقال لهم : هذا حبيب قد أقبل ، ثم إنه لما قرب من خيم الحسين عليهالسلام نزل من على ظهر جواده الى الأرض وأقبل يمشي حتى دخل على الحسين عليهالسلام ووقع على قدميه يقبلهما وهو يبكي ويقول : سيدي لعن الله غادريك.
قال : واستبشر أصحاب الحسين بقدوم حبيب ، وكذلك عيالات الحسين استبشرن بقدومه.
(للشيخ قاسم محي الدين رحمه الله) :