الوفاة ، جمع أولاده وجعل يوصيهم واحداً بعد واحد ، ثم دعى العباس وأوصاه بوصيّة خاصّة ، فقال له : «ولدي أبا الفضل إذا كان يوم عاشوراء وملكت المشرعة لا تشرب الماء وأخوك الحسين عطشاناً».
قال : ولمّا كتب ابن سعد الى ابن زياد كتابه الذي يقول فيه : «الحمد لله الذي أطفأ النائرة ، وجمع الكلمة ، وأصلح أمر الأُمّة ، وهذا الحسين قد اعطاني عهداً أن يرجع إلى المكان الذي أتى منه». فقام إليه شمر ابن ذي الجوشن وتلّكم بما ذكرنا آنفاً ، وكتب الى ابن سعد يعرض على الحسين عليهالسلام النزول على حكمه ... إلى آخر الكتاب. فقام إليه عبدالله ابن أبي المحل بن حزام بن خالد ـ وكانت عمته اُم البنين ـ فطلب من عبيد الله كتاباً فيه أماناً للعباس وأخوته ، فكتب عبيدالله له كتاباً فيه أماناً للعباس وأخوته وسلّمه الى الشمر فجاء به إلى كربلاء.
ولمّا كان اليوم التاسع من المحرم ركب جواده وجاء حتى وقف إزاء خيم الحسين عليهالسلام ، وصاح : أين بنو اختنا ، أين العباس وأخوته؟ وكان العباس حينئذ جالساً بين يدي الحسين ، فأطرق برأسه حياء من الحسين عليهالسلام ، فصاح الشمر ثانياً ، وثالثاً ، فالتفت الحسين إلى أخيه العباس وقال : أخي قم وانظر ما يريد هذا الفاجر ؛ فقام العباس وركب جواده وأقبل إليه وقال له : ما تريد يا ابن ذي الجوشن؟ فقال : هذا كتاب من ابن زياد يذكر فيه إنك أنت الأمير على هذا الجيش ، وأنت وإخوتك آمنون ، فلا تعرض نفسك للقتل ؛ فقال له العباس : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمّنا وابن رسول الله لا أمان له؟! ويلك أفبالموت تخوّفني؟! وأنا المميت خوّاض المنايا ، أأترك من خلقني الله لأجله وأدخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟! ويلك أنا أدعوك الى الجنة وأنت تدعوني الى النار؟! يابن ذي الجوشن فأقبل نصيحتي ، وكن مع غريب رسول الله ولك عند جدّه الجائزة العظمى.
فلما سمع الشمر كلام العباس لوى عنان جواده ، ورجع أبو الفضل العباس