وأكثرهم علماً وأرجحهم حلماً وأنّه ولي كلّ مؤمن ومؤمنة؟ قالوا : اللهم نعم. قال إذاً بم تستحلّون دمي وأبي الذائد عن الحوض يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادر عن الماء ، ولواء الحمد بيده يوم القيامة؟
قالوا : قد علمنا ذلك كلّه ونحن غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشاً. فأخذ الحسين بطرف كريمته المباركة وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة ، قال : اشتدّ غضب الله على اليهود حين قالوا العزيز ابن الله ، واشتدّ غضبه على النصارى حين قالوا : المسيح ابن الله ، واشتدّ غضبه على المجوس حين عبدو النار من دون الله ، واشتدّ غضبه على قوم قتلوا نبيّهم ، واشتدّ غضبه على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن بنت نبيهم (١).
قال الراوي : ولمّا رأى الحسين إصرارهم على قتله أخذ المصحف ونشره على يده ونادى : يا قوم بيني وبينكم كتاب الله وسنّة جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يا قوم بم تستحلّون دمي؟ ألست أنا ابن بنت نبيّكم؟ أو لم يبلغكم قول جدّي فيّ وفي أخي الحسن ، هذان ولداي سيّدا شباب أهل الجنّة ، فإن لم تصدّقوني فاسئلوا جابر بن عبدالله الأنصاري ، وزيد بن أرقم ، وأبا سعيد الخدري ، فوالله ما تعمّدت الكذب أبداً مذ علمت أنّ الله يمقت أهله ، والله ليس في مشرق ومغرب ابن بنت نبيّ فيكم غيري.
فأجابه الشمر قائلاً : انزل على حكم ابن زياد. فقال الحسين عليهالسلام : لا والله ثمّ حمل عليهم بسيفه وهو يقول (٢).
أنا ابن علي الطهر من آل هاشم |
|
كفاني بهذا مفخراً حين أفخر |
وجدّي رسول الله أفضل من مشى |
|
ونحن سراج الله في الأرض نزهر |
__________________
(١) أمالي الشيخ الصدوق : ٢٢٢ وما بعدها.
(٢) كما في ج ٤٥ ص ٤٩ من بحار الأنوار للشيخ المجلسي.