فقال لها : اُمّاه شمي فمي ، هل تجدين فيه رائحة يكرهها جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فشمّته في فمه فإذا هو أطيب من المسك ، ثم جاءت به إلى أبيها فقالت له : أبه لم كسرت قلب ولدي حسين عليهالسلام؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ممَّ؟ قالت : تشمّ أخاه في فمه وتشمّه من نحره ، فلمّا سمع صلىاللهعليهوآلهوسلم بكى ، وقال : «بنية أمّا ولدي الحسن عليهالسلام فإنّي شممته في فمه لأنّه يسقى السم فيموت مسموماً ، وأمّا الحسين عليهالسلام فإني شممته من نحره لأنّه يذبح من الوريد إلى الوريد» ؛ فلمّا سمعت فاطمة بكت بكاءاً شديداً وقالت : أبة متى يكون ذلك؟ فقال : «بنية في زمان خال مني ومنك ومن أخيه وأخيه» فاشتدّ بكاؤها ثم قالت : أبه فمن يبكي عليه؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه؟ فقال له : «بنية فاطمة إنّ نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على ولدي الحسين عليهالسلام وأهل بيته ، ويجددون عليه العزاء جيلاً بعد جيل ، فإذا كان يوم القيامة أنت تشفعين للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من يبكي على ولدي الحسين عليهالسلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة» (١).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «على الحسين فلتشق القلوب لا الجيوب».
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ألا وصلّى الله على الباكي على ولدي الحسين عليهالسلام».
فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تراه تارة يدعو للباكي على ولده الحسين واُخرى يخبر بفضل الباكي عليه وما له يوم القيامة من الأجر ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كل عين باكيه يوم القيامة إلّا عين بكت على ولدي الحسين ، فإنّها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة» (٢).
_________________
(١) الخبر ذكره الفاضل الدربندي رحمه الله في أسرار الشهادات : ٢ / ٧٢٠ ، وهو خبر طويل ومفصّل وأورده هنا المؤلف رحمه الله على وجه الاختصار.
(٢) انظر أسرار الشهادات للدربندي : ٢ / ٤٩٦.