قال الراوي : وجاءت اُمّ سلمة (١) وقالت له : يا بني لا تحزن بخروجك إلى
__________________
(١) اُمّ سلمة :
اسمها : هند ، وهي من اُمّهات المؤمنين ، بنت أبي اُمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم القرشية المخزومية واسم أبيها : حذيفة ، وقيل : سيل ، ويلقّب : زاد الراكب ، لأنّه كان أحد الأجواد ، فكان إذا سافر لا يترك أحداً يرافقه ومعه زاد بل يكفي رفقته من الزاد ؛ واُمّها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك الكنانية ، من بني فراس ، وكانت زوج ابن عمّها أبي سلمة ، فمات عندها ، وقد اسلمت قديماً هي وزوجها وهاجر إلى الحبشة فولدت له سلمة. ثم قدما مكة وهاجرا إلى المدينة فولدت له عمر ، ودرة ، وزينب ؛ ولمّا أراد أن يهاجر بها زوجها إلى المدينة منعه رجال من بني المغيرة ونزعوا خطام البعير من يده ، فنضب عند ذلك بنو عبد الأسد وهو والي سلمة ، وقالوا : والله لا نترك ابننا عندها إذا نزعتموها من صاحبنا ، فتجاذبوا سلمة حتى خلعوا يده وانطلق به عبد الأسد وتركها زوجها حتى لحق إلى المدينة ففرّق بينها وبين زوجها وابنه فكانت تخرج الى الأبطح تبكي وتولول سبعة أيام ، فقال لها قومها : إلحقي بزوجك. فقصدت المدينة ، وكان زوجها نازلاً في قرية بني عمرو بن عوف بقباء ، فقصدته وقيل : إنّها أوّل امرأه خرجت مهاجرة الى الحبشة ، واوّل ضعينة دخلت المدينة.
وقال أرباب التاريخ : ولمّا توفي زوجه وانقضت عدتها خطبها أبو بكر فلم تتزوجه ، فبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يخطبها ، فقال للرسول : أخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إني امرإة غيري وإني امرإة مصيبة ، وليس أحد من أوليائي شاهد. فقال : قل لها أما قولك إني امرأة غيري فساعدو الله فتذهب غيرتك ، وأما قولك إني امرأه مصيبة فسلي صبيانك ، وأما قولك ليس أحد من أوليائك شاهد فليس أحد من أوليائك شاهد وغاب يكره ذلك ، فقالت لإبنها عمر : قم فزوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ابنتها سلمة.
وأخرج ابن سعد من طريق عروة عن عائشة ، قالت : لمّا تزوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ام سلمة حزنت حزناً شديدا لما ذكر لنا من جمالها ، فتلطفت حتى رأيتها ، فرأيت والله أضعاف ما وصفت ، فذكرت ذلك لحفصة فقالت : وما هي كما يقال ، قالت : فرأيتها بعد ذلك فكان ما قالت حفصة ، ولكنّي كنت غيري ، وكانت امّ سلمة موصوفة بالجمال البارع والعقل البالغ والرأي الصائب ، وأشارتها على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الحديبة تدل على وفور عقلها وصواب