الأرفع ، والموضع الذي لا يجهل ، قد أوتى جوامع الكلم ، وحص ببدائع الحكم ، وعلم ألسنة العرب ، يخاطب كل أمة بلسانها ، ويحاورها بلغتها ... حتى كان كثير من أصحابه يسألونه فى غير موضع عن شرح كلامه وتفسير قوله ... وليس كلامه مع قريش والأنصار وأهل الحجاز ونحد ككلامه مع ذى المعشار الهمداني وطهفة النّهدى والأشعث بن قيس ووائل بن حجر الكندي وغيرهم من أقيال حضر موت وملوك اليمن اه.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥))
تفسير المفردات
إذن الله : إعلامه الذي نطق به وحيه وطرق آذانكم ـ كقوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ـ استغفروا الله : أي طلبوا مغفرته وندموا على ما فعلوا ، واستغفر لهم الرسول : أي دعا الله أن يغفر لهم ، يحكموك : يجعلوك حكما ويفوضوا الأمر إليك ، وشجر : اختلف واختلط الأمر فيه ، مأخوذ من التفاف الشجر ، فإن الشجر تتداخل بعض أغصانه فى بعض ، حرجا : ضيقا ، قضيت : حكمت ، التسليم : الانقياد والإذعان.
المعنى الجملي
بعد أن أوجب سبحانه فيما سلف طاعة الله وطاعة الرسول وشنع على من رغب عن التحاكم إلى الرسول وآثر عليه التحاكم إلى الطاغوت ـ ذكر هنا ما هو كالدليل على استحقاق الرسول للطاعة ، وعلى استحقاق المنافقين الذين لم يقبلوا التحاكم للمقت والخذلان ، لأنهم لم يرضوا بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم.