(وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) أي وما يهلكون إلا أنفسهم بتعريضها لأشد العذاب وأفظعه وهو عذاب الضلال والإضلال ، وما يشعرون بذلك بل يظنون أنهم يبغون الغوائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا من معجزات القرآن وإخباره بالغيب ؛ فقد هلك جميع الذين أصرّوا على عداوته صلى الله عليه وسلم ، بعضهم فى نقم خاصة ، وبعضهم فى وقعة بدر وغيرها من الغزوات.
ويتبع هذا الهلاك الدنيوي هلاك الآخرة ، واللفظ يشملهما معا.
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩))
تفسير المفردات
يقال وقف الرجل على الأرض وقوفا ، ووقف على الشيء : عرفه وتبينه ، ووقف نفسه على كذا وقفا حبسها كوقف العقار على الفقراء.
المعنى الجملي
بين الله فى الآية السابقة حال طائفة من المشركين تلقى السمع مصغية للقرآن لكن لا يدخل القلب شىء مما تسمع ، لما عليه من أكنة التقليد ، والاستنكار لكل شىء جديد ، فهم يستمعون ولا يسمعون ؛ وبين فى هاتين الآيتين بعض ما يكون من أمرهم يوم القيامة وتمنيهم العودة إلى الدنيا ليعملوا صالح العمل ويكونوا من المؤمنين حقا ثم كذبهم فيما يقولون وأنهم لو ردوا لعادوا لما كانوا فيه لفقد استعدادهم للإيمان ، وأن حالهم بلغ مبلغا لا يؤثّر فيه كشف الغطاء ورؤية الفزع والأهوال.