(ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) أي ما الذي تستعجلون به من نقم الله وعذابه بيدي ولا أنا على ذلك بقادر ، ولم أقل لكم إن الله فوض أمره إلىّ حتى تطالبونى به ، وتعدّون عدم إيقاعه عليهم حجة على تكذيبه.
ثم أكد ما سبق بقوله :
(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي ما الحكم فى هذا وفى غيره من التصرف فى شئون الأمم إلا لله وحده ، وله فى ذلك سنن حكيمة تجرى عليها أفعاله وأحكامه ، فلا يتقدم شىء منها عن ميقاته ولا يتأخر : «وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ».
ثم بين سبحانه أن كل ما قصه على رسوله فهو حق لا شبهة فيه فقال :
(يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) أي يقص على رسوله القصص الحق فى وعده ووعيده وجميع أخباره ، وهو خير الحاكمين فى كل أمر ، فهو لا يقع فى حكمه وقضائه حيف إلى أحد ولا جور وهو النافذ حكمه فى كل شىء ، والمحيط علمه بكل شىء.
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي قل أيها الرسول لهؤلاء الذين يستعجلون العذاب بقولهم : «اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ».
لو أن عندى ما تسعجلون به بأن مكننى الله من التصرف فيه وجعله من قدرتى الكسبية ، لقضى الأمر بينى وبينكم فأهلكتكم عاجلا غضبا لربى ، واقتصاصا من تكذيبكم ، ولتخلصت منكم سريعا لصدكم عن تبليغ دعوة ربى ، وصدكم الناس عنى ، وقد وعدني ربى بنصر المؤمنين المصلحين ، وخذلان الكافرين المفسدين.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) الذين لا رجاء فى رجوعهم عن الظلم إلى الإيمان والحق والعدل ، ومن ثم لم يجعل أمر عقابهم إلى ، بل جعله عنده ووقّت له ميقاتا هو أعلم به ، ترونه بعيدا ويراه قريبا : «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ».