مساكنها للراحة التي لا تتم ولا تكمل إلا بالنوم الذي تسكن فيه الجوارح والخواطر ببطلان حركتها الإرادية ، كما تسكن به الأعضاء سكونا نسبيا ، فتقلّ نبضات القلب. ويقل إفراز خلايا الجسم للسوائل والعصارات التي تفرزها ، ويبطىء التنفس ويقل ضغط الدم فى الشرايين ، ولا سيما أول النوم ويضعف الشعور حتى يكاد يكون مفقودا ، ويستريح الجهاز العصبي لتستريح جميع الأعضاء.
(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) أي والشمس والقمر يجريان بحساب وعدد ، لبلوغ أمدهما ونهاية آجالهما ، ويدوران لمصالح الخلق التي جعلا لها ، فطلوعهما وغروبهما وما يظهر من تحولاتهما واختلاف مظاهرهما ـ كل ذلك يجرى بحساب كما قال : «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ» وقال : «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ» وقد جمع الله فى هذه الآية ثلاث آيات سماوية ، كما جمع فيما قبلها ثلاث آيات أرضية :
فالآية الأولى فلق الصبح والتذكير به للتأمل فى صنع الله بإفاضة النور الذي هو مظهر جمال الوجود ، ومبدأ زمن تقلب الأحياء فى القيام والقعود ، ومضيّهم إلى ما يسّروا له من الأعمال ، وما لله فى ذلك من حكم وأسرار.
والآية الثانية جعل الليل سكنا ، وذلك نعمة من الله ليستريح الجسم ، وتسكن النفس ، وتهدأ من تعب العمل بالنهار ، قال تعالى : «وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».
والآية الثالثة جعل الشمس والقمر حسبانا ، وذلك فضل من الله عظيم ، فإن حاجة الناس إلى معرفة حساب الأوقات لعباداتهم ومعاملاتهم وتواريخهم لا تخفى على أحد منهم.
وعلماء الفلك متفقون على أن للأرض حركتين ، حركة تتم فى أربع وعشرين ساعة وعليها مدار حساب الأيام ، وحركة تتم فى سنة ، وبها يكون اختلاف الفصول ، وعليها مدار حساب السنة الشمسية.